ذكرى غزو العراق الخامسة...حرب بدأت بكذبة واستمرت بكذبة بعد أخرى - 19/03/2008 | ||
ركزت الصحف البريطانية في تعليقاتها على الوضع في العراق ومعاناة العراقيين بعد خمس سنوات من الاحتلال الأميركي له.
بريطانيا تسعى للخروج من مستنقع العراق
يرى خبراء أن بريطانيا وبعد خمس سنوات من إعلانها الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في احتلالها العراق تسعى لاخراج قواتها من العراق بهدوء.
غزو العراق ترك آثاراً وتبعات نفسية وجسدية عميقة على الجنود الأميركيين
خلف غزو العراق منذ بدايته وحتى الآن آثاراً وتبعات نفسية وجسدية عميقة على الجنود الأمريكيين حيث بات أكثر من مليون عسكري أميركي يعانون من هذه الآثار النفسية العميقة التي وصلت إلى درجة الانتحار فيما يعاني آخرون من إحباط نفسي أو شعور بالتهميش.
هيرد: الحرب ضرب من الحماقة
قال دوغلاس هيرد وزير الخارجية البريطاني السابق أن الحرب الاميركية على العراق كانت خاطئة وضرب من الحماقة.
نيويورك تايمز: بوش يتكلم كمقدمة برنامج للطهي
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الرئيس بوش يبدو سعيداً رغم كل المشاكل التي تحيط به فالدولار يتفتت والركود يتفاقم ومؤشر داو جونز يتأرجح. وقالت الصحيفة إن بوش يتراقص ويغني بعرض منفرد باسم "أسعد شخص في العالم" بالوقت الذى يقبع في حفرة مشيرة إلى أنه كلما كان الأميركيون أكثر خوفاً بدا بغرابة أكثر رضا عن نفسه. |
الخميس، 20 مارس 2008
الذكري الخامسة لسقوط بغداد
الأربعاء، 19 مارس 2008
المستشرقون
المستشرقون ودور حمّالة الحطب!
د.عبد المعطي الدالاتي
((ودَّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يَردّونكمْ من بعدِ إيمانكم ُكفّاراً
حسداً من عندِ أنفسِهم مِن بعد ما تبيّن لهمُ الحقُّ ))
((سورة البقرة :109))
"مهمّتكم أن تُخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله ، وبالتالي فلا صلة تربطه بالأخلاق ، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الاستعمار ..
استمروا في أداء رسالتكم فقد أصبحتم بفضل جهادكم المبارك موضع بركات الرب !!" (1).
هذه باختصار مهمة المستشرقين كما أرادها لهم المبشّر الصهيوني صموئيل زويمر ، فهل كل المستشرقين كانوا على هذه الدرجة من الانحطاط؟!
بالطبع لا ، فالمستشرقون أصناف :
أولاً - المستشرقون المنصفون
هم الذين أنصفوا أنفسهم أولاً قبل أن ينصفوا الحقيقة ، لم يكلفوا أنفسهم سوى أن يكونوا موضوعيين في تفكيرهم وفي أحكامهم ، فقادهـم التفكير المنصف إلى أعتاب الإســلام ، فاعتنقوه عقيدة وسلوكاً ومنهجاً ، ويأتي في مقدمة هــؤلاء : ليوبولد فايس ، ومراد هوفمان ، وأحمد فون دنفر ، ومحمد صدّيق ، ورينيه جينو ، والعلامةعبد الكريم جرمانوس ..
ثانياً – المستشرقون الأقرب للإنصاف
وقد استطاعوا أن يتخلصوا إلى حدٍ بعيد من رواسب التعصب الغربي ، فآمنوا بالإسـلام حُـلُماً ودراسة أكاديمية دون أن يعتنقوه عقيدة ، وكما يقول د.محمد إقبال : "ليس كل من درس علم النخيل تمتع بالرطب"! فهم قد تعاملوا مع الإسلام ببرود عاطفي ، فلم تكن لهم العزيمة الصادقة التي ترى الحق فتندفع إليه.. وشتان بين الإعجاب المجرد ، وبين الإيمان ..
فهم قد أبصروا جنة الإسلام وتقدموا إليها خطوات ، ولكنهم – يا أسفاً – لم يجاوزوا السياج .
ومن هؤلاء المستشرقين نذكر : المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه صاحبة كتاب (شمس الله تسطع على الغرب ) ، ومنهم شاعر الألمان (غوته)(2) الذي دعي القرن التاسع عشر باسمه (قرن غوته) ، ومن هؤلاء المستشرق توماس أرنولد صاحب كتاب ( الدعوة إلى الإسلام) الذي يعتبر من أوثق المراجع في تاريخ التسامح الديني ، ، ومن المعاصرين (مارسيل بوازار) والمستشرقة الألمانية(آنا ماريا شمل) .
ثالثاً – المستشرقون المترددون بين الإنصاف والإجحاف
تقرأ لهؤلاء الكلام الحسن فتحمد لهم الإنصاف والعقل ، ثم فجأة يطل (بطرس الناسك) برأسه من بين سطورهم !!
ومن هؤلاء غوستاف لوبون والمؤرخ مونتغمري وات . وبعض هؤلاء كان مشوش الرؤية في بدء حياته الاستشراقية ثم تراجع عن آرائه الخاطئة ، من مثل برناردشو وإرنست رينان الذي طعن كثيراً بالإسلام ثم صحا ضميره وعقله في أُخرياته ليقول في إحدى تداعياته: "الإسلام دين الإنسان .. وكلما دخلت مسجداً هزني الخشوع وشعرت بالحسرة لأني لست مسلماً"(3).
ويدخل في هذه الفئة الفيلسوف (فولتير) الذي أعلن توبته عما اقترف بحق الإسلام ، والغريب أن الأضواء لا تسلط إلا على أقواله الأولى ، أما أقواله الأخيرة فقد طُمست ! وها هو يعترف بأنه كان ضحية الأفكار السائدة الخاطئة : "قد هدم محمد الضلال السائد في العالم لبلوغ الحقيقة ، ولكن يبدو أنه يوجد دائماً من يعملون على استبقاء الباطل وحماية الخطأ ! "
ثم يقول في قاموسه الفلسفي(6/4): "أيها الأساقفة والرهبان والقسيسون إذا فُرض عليكم قانون يحرم عليكم الطعام والشراب طوال النهار في شهر الصيام .. إذا فرض عليكم الحج في صحراء محرقة.. إذا فُرض عليكم إعطاء 2,5 % من مالكم للفقراء .. إذا حُرِّم عليكم شرب الخمور ولعب الميسر .. إذا كنتم تتمتعون بزوجات تبلغ ثماني عشرة زوجة أحياناً، فجاء من يحذف أربع عشرة من هذا العدد ، هل يمكنكم الإدعاء مخلصين بأن هذه الشريعة شريعة لذّات ؟!" .
رابعاً – المستشرقون المتعصبون
وهم أكثر المستشرقين ، وقد أبت أحقادهم الآبائية إلا أن تطفو على كتبهم التي كتبوها بأقلام شاخت في الضلا ل و الكذب والافتراء واللاموضوعية .
يقول أليكسي جورافيسكي : "إن الأغلبية المطلقة من المستشرقين لم يتخلصوا من المواقف المعادية للإسلام"(4) .
وقد لعبوا بأكاذيبهم ومكرهم دور" حمّالة الحطب " في صد الغربيين عن دين الإسلام، وذلك على امتداد المكان والزمان.
فلا يعرف العقل حدّاً لتعصبهم على الشرق والعرب والإسلام، ولا يعرف المنطق مدى لماقام ولما يقوم به هؤلاء من تحريف وتشويه لثقافة الإسلام وتاريخه .
وقد ركز هؤلاء السفهاء على النيل من قدسية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام خاصة، إذ أن التشويه الكاذب لصورة إنسان ، أسهل بكثير من محاولة نقض مبادئــه وأفكاره ، يقول العقاد رحمـه الله : "إن تصوير إنسان مقدس بالصورة التي تنزع عنه القداسة أيسر جداً من عناء الدراسة في نقض العقائد وإدحاض الأفكار .. إنها مهارة رخيصة تنجح بقليل من الجهد ، إذ تعتمد على سهولة الإصغاء إليها في طبائع الجهلاء والأغرار، ولكن خبراً صادقاً عن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ينكشف للإنسان الغربي فيهدم مئات الأخبار الكاذبة التي لفقها المبشرون"(5).
نعم قد ينجح هذا الأسلوب الرخيص لزمن ، ولكن لن يطول انتظار سكان الأكواخ لاكتشاف قصر الإسلام وراء الأكَمَة التي صنعها كذب المستشرقين .
وقد فضح كثير من المفكرين ألاعيب هذه الفئة ، يقول توماس كارليل : "إن أقوال أولئك السفهاء من المستشرقين في محمد ، إنما هي نتائج جيل كفر ، وعصر جحود وإلحاد ، وهي دليل على خبث القلوب وفساد الضمائر ، وموت الأرواح"(6)..
وتقوم بيانكا سكارسيا بتحليل عميق لهذه الفئة فتقول : "عمل الاستشراق لصالح الاستعمار بدلاً من إجراء التقارب بين الثقافتين . إن إنشاء هذا العلم لم يكن إلا من أجل تقديم أدوات للاختراق أكثر براعة ، فهناك فعلاً عملية ثقافية مستترة ماكرة ومرائية ، وهذا ما يفسر ريبة المسلمين حيال كل ما يقال عنهم في الغرب"(7)، ويقول برناردشو متأسفاً : "مضت على الغرب القرون وهو يقرأ كتباً ملأى بالأكاذيب على الإسلام" .
وســائل هذه الفئــة
تنطلق هذه الزمرة من المبدأ الذي يقول : اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدّقك الناس ! وإذا كان الكذب شعاراً فكل شيء متوقع بعد ذلك ..
وهؤلاء المستشرقون يصطنعون في بحوثهم سمت العلم والموضوعية والبراهين ، وهذا أخطر ما فيهم ومن خطورتهم التلطف في دس السموم مع التدرج ، وذلك بعد منافقة القارئ بكلمات معسولة كي يَركَن إليهم .
على وجه ميٍّ مِسحةٌ من ملاحةٍ *** وتحت الجمال الشرُّ ، لو كان باديا
وهو بادٍ لكل قارئٍ حصيف .
ومن وسائلهم اللعب بالتاريخ ، فيصححون الأخبار الكاذبة ، ويطمسون الأخبار الصحيحة ، ويضخمون الأخطاء الصغرى ، وما أسهل تغيير مجرى التاريخ على قلم المؤرخ الكذوب ! فقد جعل هؤلاء المتعصبون من التاريخ هواية يتم من خلالها التنفيس عن الأهواء والأحقاد الإيديولوجية .
ومن وسائلهم وضع الفكرة مقدَّماً ثم البحث عن أدلة تُعزّزها مهما كانت واهية على أسلوب (محاكم التفتيش) حيث كانت توضع التهمة أولاً ثم تثبت بالشهود الذين ينوب عنهم التعذيب ! وليس هذا الأسلوب غريباً عمن يكون شعاره : "اعتقد أولاً ثم افهم ما اعتقدت !" يـقــول ليوبـولـد فايـس : "إن أبرز المستشرقين جعلوا من أنفسهم فريسة التحزب غير العلمي في كتاباتهم عن الإسلام ! وإن طريقة الاستقراء والاستنتاج التي يتبعها أكثر المستشرقين تذكرنا بوقائع (دواوين التفتيش) (8)" .
ومن وسائل هذه الفئة التعالم رغم الجهل الذي يقع فيه كبارهم ، فأحد المستشرقين على سبيل المثال ، فسر الآية الكريمة : "وترى الملائكة حافّين من حول العرش" بقوله "أي بدون أحذية !" (9)، وليس هذا غريباً فكثير من المستشرقين لا يفهمون أدب لغتهم فضلاً عن الأدب العربي . ويأبى هؤلاء رغم جهلهم بثقافة الإسلام إلا أن يستخدموا الإرهاب الفكري لإضعاف ثقة القارئ بنفسه كي يَسهُلَ قِياده .
أشهر المستشرقين المتعصبين
1 – هاملتون جب : إنجليزي مؤلف (الاتجاهات الحديثة في الإسلام) .
2 – جولد تسيهر : يهودي مجري ، كرس حياته للطعن في الإسلام ونبيه ، وممن تتلمذ عليه د.طه حسين!! .
3 – مرجليوث : يهودي إنجليزي ، وممن تتلمذ عليه د. طه حسين ! .
4 – زويمر : مبشر يهودي تظاهر بالمسيحية ، اشتهر بحقده على الإسلام .
5 – دوركايم : يهودي . وممن تتلمذ عليه د. طه حسين ! .
6 – لويس ماسينون : مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية ، تخصص في التصوف الأعجمي لبعض الزنادقة كالمرتد الحلاج !
7 – نيكلسون : إنجليزي ، تخصص في التصوف .
ومن هؤلاء المتعصبين : آربري ، فينسنك ، دوزي ، أرفنج ، درمنغهم ، لودفيج .
ومن المستشرقين المعاصرين نذكر :
1 – صاموئيل هانتنغتون : يهودي صاحب نظرية (صراع الحضارات) وخطورته تكمن في أنه يُقدم التحريض ضد الإسلام على شكل منظومة متكاملة .
2 – فرانسيس فوكوياما : مستشار سياسي سـابق بوزارة الخارجيـة الأمريكية ، صاحب نظرية (نهاية التاريخ وخاتم البشـر) وقد تنبأ فيها بوراثـة الرأســمال الغربي للعالم ! .
3 – برنارد لويس : يهودي ، يعرض الإسلام بطريقة ترعب جمهوره الغربي ، فيجعله يرفض أن يتنازل قدر بوصة للإسلام .
ما وراء الأكمــة :
وإذا علمنا أن أكثر هؤلاء المستشرقين المتعصبين هم من اليهود بطل العجب منهم أو العتب عليهم ، وحقاً قد نجحت هذه الفئة في القرون الماضية في حجب أنوار الإسلام عن الإنسان الغربي ، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت تتكشف الأمور عن إخفاق فكري وخلقي مريع لهذه الزمرة ، فانحسر تأثيرها إلى حد لا بأس به ، وبدأ الوعي بالإسلام يغزو قلوب الغربيين وعقولهم ، وها هو ذا الكاتب البريطاني جان دوانبورت يقول "أعتذر عن التصورات والأحكام التي كانت شائعة في الغرب حول نبي الإسلام"(10) .
وإن زمن الباطل مهما طال ، فستمزّقه كلمة حق حين ُتقال!
يقول الله تعالى : (( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ )) (11).
" من كتاب " ربحت محمدا ًولم أخسر المسيح "
بين الداعين لاحياء المولد النبوي والرافضين للاحياء
الرد على شبهات من أجاز الاحتفال بالمولد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ،
أما بعد :
فإن من البدع المنتشرة بين أوساط كثير من الناس ؛ ما يمسى بالاحتفال بالمولد النبوي ، وقد كتب كثير من أهل العلم قديما وحديثاً عدة كتب ورسائل وفتاوى في التحذير من هذه البدعة ؛ فجزاهم الله خير الجزاء على ما بينوا ونصحوا .
ولقد وفقني الله عزوجل ـ وله الحمد والمنة ـ في جمع بعض الفوائد التي وقفت عليها والمتعلقة بالرد على الشبهات التي يثيرها من يقول بجواز الاحتفال بالمولد.
فأحببت نشر ما قمت بجمعه ، لعل يكون في ذلك فائدة لي ولمن يطلع عليه .
سائلاً الله أن يجعل أعمالي خالصة لوجهه الكريم ، موافقه لسنة نبينا محمد e .
وأرجو ممن كان عنده ملاحظة أو فائدة ألا يبخل بها على أخيه وجزاكم الله خيراً.
وصلى الله على نبينا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
* * *
الفصل الأول :
بيان كذب من يزعم أن من ينكر الاحتفال بالمولد بأنه مبغض
للرسول e ومكفر لمن يحضر ذلك الاحتفال
كما أشاعوا أن من ينكر ذلك الاحتفال يعتبره شركا اكبر!
وأن من يحتفل بالمولد يعتبر مشركا ! وهذا أيضاً كذب صريح !!
وإليك فيما يلي بعض أقوال أولئك المحتفلين حول هذا الأمر وبيان كذبهم في ذلك :
1 ـ قال يوسف الرفاعي في "الرد المحكم المنيع على منكرات وشبهات ابن منيع"
(ص15- 16) وهو يشير إلى مقال له نشره في جريدة السياسة الكويتية :
( وكان عنوان وموضوع مقالي ( الرد على الشيخ عبدالعزيز بن باز ) عندما هاجم الاحتفال بالمولد النبوي واعتبره شركا وبدعة … الخ ) .
2 ـ قال راشد المريخي في " إعلام النبيل " ( ص17 ـ 18 ) :
( وإذا احتفل أحد بليلة مولده e تعظيما له وإقامة لأبهة الإسلام قالوا : هذا مشرك …
فنعوذ بالله من ناشئة تكفر الأمة بمدح النبي e أو الاحتفال بمولده ) انتهى باختصار.
ولبيان كذب أولئك أنقل فيما يلي بعض أقوال المنكرين للاحتفال بالمولد وتصريحهم أن إنكارهم للمولد هو بسبب انه بدعة وليس شركا :
1 ـ قال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله ـ في "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة"
( 2 /380 ) :
( كتبت منذ أيام مقالاً يتضمن جواب سؤال عن حكم الاحتفال بالمولد ، وأوضحت فيه أن الاحتفال بها من البدع المحدثة في الدين .
وقد نشر المقال في الصحف المحلية السعودية وأذيع من الإذاعة .
ثم علمت بعد ذلك أن إذاعة لندن نقلت عني في إذاعتها الصباحية أني أقول بأن الاحتفال بالموالد كفر.
فتعين علي إيضاح الحقيقة للقراء فأقول إن ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية في إذاعتها الصباحية في لندن منذ أيام عني أني أقول بأن الاحتفال بالموالد كفر ، كذب لا أساس له من الصحة وكل من يطلع على مقالي يعرف ذلك .
وإني لآسف كثيراً لإذاعة عالمية يحترمها الكثير من الناس ثم تقدم هي أو مراسلوها على الكذب الصريح .
وهذا بلا شك يوجب على القراء التثبت في كل ما تنقله هذه الإذاعة خشية أن يكون كذباً كما جرى في هذا الموضوع ... الخ ) .
2 ـ وقال الشيخ أبو بكر الجزائري ـ حفظه الله ـ في "الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف" (ص76) :
( إن مثل هذه البدعة ـ أي بدعة المولد النبوي ـ لا تكفر فاعلها ولا من يحضرها، ووصم المسلم بالكفر والشرك أمر غير هين ).
3 ـ وقال أيضا (ص 5) من المصدر السابق :
( يشاع بين المسلمين أن الذين ينكرون بدعة المولد هم أناس يبغضون الرسول e ولا يحبونه، وهذه جريمة قبيحة كيف تصدر من عبد يؤمن بالله واليوم الآخر ؟
إذ بغض الرسول e أو عدم حبه كفر بواح لا يبقى لصاحبه أية نسبة إلى الإسلام والعياذ بالله تعالى ) اهـ .
4 ـ قال الشيخ علي بن حسن الحلبي ـ حفظه الله ـ في تعليقه على "المورد في عمل المولد" للفاكهاني (ص19) :
( يظن بعض الجهلة في زماننا أن الذين لا يجيزون عمل المولد والاحتفال به لا يحبون النبي e ، وهذا ظن آثم ، ورأي كاسد ، إذ المحبة وصدقها تكون في الاتباع الصحيح للنبي e ، كما قال تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (آل عمران:31) ) اهـ .
* * *
الفصل الثاني :
أقوال للمحتفلين بالمولد توضح أنهم يعتبرونه من الدين وان من يحضره
يثاب على فعله
في هذا الفصل سأنقل بعض أقوال من يرى الاحتفال بالمولد يتضح من خلالها أنهم يعتبرون الاحتفال بالمولد من الدين يثاب على فعله !
1 ـ قال السيوطي ـ رحمه الله ـ في "حسن المقصد في عمل المولد" ضمن "الحاوي للفتاوى"
(1/189) :
( أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ، ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي e وما وقع في مولده من الآيات ، ثم يمد لهم سماط يأكلونه ، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي eوإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف ) .
2 ـ وقال محمد بن علوي المالكي في "حول الاحتفال بالمولد النبوي" (ص15 ـ 16) :
( أن المولد اشتمل على اجتماع وذكر وصدقة ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة ، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها ) اهـ .
3 ـ وقال أيضاً في أثناء كلامه على المولد في المصدر السابق (ص20) و"الذخائر المحمدية"
( ص326 ) : ( فكل خير تشمله الأدلة الشرعية ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة و لم يشتمل على منكر فهو من الدين ) اهـ .
4 ـ قال عيسى الحميري في "بلوغ المأمول في حكم الإحتفاء والاحتفال بمولد الرسول" (ص30) بعد ان قال ان القران عرض لنا قصص لكثير من الأنبياء :
( وبذلك يستدل بصحة استحباب الاحتفال بمولده e ) اهـ .
5 ـ وقال أيضاً في نفس المصدر (ص55) بعد ان أورد حديث استدل به على جواز الاحتفال بالمولد :
( يفهم منه استحباب ذكر النعمة والاحتفاء والاحتفال بأيامها... الخ ) .
6 ـ وقال محمد بن أحمد الخزرجي في "القول البديع في الرد على القائلين بالتبديع" (ص29) :
( للعلماء في مولد النبي e كتب وسوف نبين استحباب قراءة المولد لقوله تعالى :
ومآ أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) اهـ .
7 ـ قال مصطفى عبد القادر عطا في مقدمته لكتاب "حسن المقصد في عمل المولد" للسيوطي طبعة دار الكتب العلمية في بيروت (ص9) نقلاً عن مقدمة الشيخ علي الحلبي
لـ "المورد في عمل المولد" للفاكهاني (ص12 – 13) ؛ بعد كلام :
( .. كل هذا يوجبُ علينا الاحتفال به – أي بالمولد النبوي - … !! ) .
تنبيه :
قال محمد بن علوي المالكي في "حول الاحتفال بالمولد النبوي" (ص6) :
( أننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تقال في حقه ، وإطعام الطعام ، وإدخال السرور على قلوب الأمة ) .
وقال يوسف الرفاعي في "الرد المحكم المنيع" (ص153) :
( إن احتفالات المسلمين بذكرى المسلمين بذكرى مولده e و المناسبات المشابهة لا تسمى بدعة قبل كل شيء . لان أحداً من القائمين على أمرها لا يعتقد أنها جزء من جوهر الدين وأنها داخلة في قوامه وصلبه ، بحيث إذا أهملت ارتكب المهملون على ذلك وزرا . وإنما هي نشاطات اجتماعية يتوخى منها تحقيق خير ديني ) .
وقد أجاب فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع ـ حفظه الله ـ على هذا القول في "حوار مع المالكي" (ص26–27) بما يلي :
( ان قول محمد المالكي هذا يدل على انه لا يرى مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ، لأن مشروعية الأمر تعني وجوبه أو استحبابه ، وبالتالي إثابة فاعله وعقوبة تاركه ان كان واجبا، وإذا كان مستحباً فيثاب عليه فاعله ولا يعاقب تاركه ، أما جواز ذلك فمعناه إباحته فلا إثابة على فعل ولا عقوبة على ترك .
ولكن من خلال ما نقلته من أقواله السابقة وغيرها مما سأذكره فيما بعد ان شاء الله ؛ نجده يقول بمشروعية ذلك ويؤكده حيث أشار إلى القول بسنية الاحتفال بالمولد في ليلة غير مخصوصة !! .
فان قال بإباحة الاحتفال بالمولد من غير أن يكون واجبا أو مسنونا ألزمناه بالتناقض في قوله على ما سبق إيضاحه ، وان قال بمشروعيتها على سبيل الاستحباب أو الوجوب طالبناه بمستنده على ذلك من كتاب الله تعالى أو من سنة رسوله محمد e من قول أو فعل أو تقرير، أو من عمل الصحابة الذين هم أولى بالنبي e .
وأما ما ادعاه ان له استنباطات تدل على مشروعية الاحتفال بالمولد مما ذكره في كثير
من كتبه فقد ناقشها العلماء وردوا عليه وعلى غيره ممن يستدل بها وسوف انقل تلك الاستنباطات المزعومة مع إجابات العلماء عليها بإذن الله فيما بعد ) انتهى كلام الشيخ
ابن منيع بتصرف .
أما بالنسبة لقول الرفاعي: ( ان احتفالات المسلمين بذكرى مولده e والمناسبات المشابهة، لا تسمى بدعة قبل كل شيء ) فمردود بقول السيوطي السابق وبقول المالكي في "حول الاحتفال" (ص19) و "الذخائر" (ص320 – 321) :
(فالاحتفال بالمولد و إن لم يكن في عهده e فهو بدعة ، ولكنها حسنة ...الخ)، وبغيرها من الأقوال التي سأنقلها مع إجابات العلماء عليها فيما بعد ان شاء الله .
أما قوله : ( لان أحدا من القائمين على أمرها لا يعتقد أنها جزء من جوهر الدين و أنها داخلة في قوامه وصلبه ، بحيث إذا أهملت ارتكب المهملون على ذلك وزرا ) فمردود بأقوال السيوطي والمالكي والحميري وغيرهم السابقة والتي يقولون فيها بإثابة من يقيم الموالد وانهم يعدونها من الدين .
* *
الفصل الثالث :
بيان أن الاحتفال بالمولد النبوي لم يقع من السلف الصالح وأنه من البدع
اتفق أهل العلم من لا يرى منهم عمل المولد ومن يراه على أن الاحتفال بالمولد النبوي لم يفعله السلف الصالح ومن تصريحاتهم بذلك ما يلي :
1ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن الاحتفال بالمولدالنبوي في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/619) : (لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضا ، أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله e وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص ، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره ، وإحياء سنّته باطناً وظاهراً ، ونشر ما بعث به ، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين ، من المهاجرين والأنصار،والذين اتبعوهم بإحسان ) اهـ .
2ـ قال الإمام تاج الدين عمر بن سالم اللخمي المشهور بالفاكهاني ـ رحمه الله ـ في "المورد في عمل المولد" (ص20 ـ 21) :
( لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بِدعة ) .
3ـ قال العلامة ابن الحاج ـ رحمه الله ـ في "المدخل" (2/312) نقلاً من "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" للعلامة الأنصاري رحمه الله (ص57) :
( فإن خلا ـ أي عمل المولد ـ منه ـ أي من السماع ـ وعمل طعاما فقط ، ونوى به المولد ودعا إليه الاخوان ، وسلم من كل ما تقدم ذكره ـ أي من المفاسد ـ فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ إن ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين ، وإتباع السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه ، لأنهم أشد الناس اتباعاً لسنة رسول الله e ، وتعظيما له ولسنته e، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم ، وقد علم ان إتباعهم في المصادر والموارد... الخ ) .
4ـ قال العلامة عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في "حكم الاحتفال بالمولد النبوي وغيره" ضمن "أربع رسائل في التحذير من البدع" (ص3) :
( الرسول e لم يفعله ـ أي المولد النبوي ـ ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم ، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله e ومتابعة لشرعه ممن بعدهم ... الخ ) .
5ـ وقال محمد بن عبد السلام الشقيري في "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" (ص138ـ139) :
( فاتخاذ مولده موسماً والاحتفال به بدعة منكرة ضلالة لم يرد بها شرع ولا عقل ، ولو كان في هذا خير كيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة والتابعون وتابعوهم والأئمة وأتباعهم ؟ ) .
(و بهذه النقول يتضح أن السلف الصالح لم يحتفلوا بمولد النبي e بل تركوه ، وما تركوه
لا يمكن أن يكون تركهم إياه إلا لكونه لا خير فيه كما أوضحه ابن الحاج في "المدخل"
(4/278) ؛ حيث قال بصدد استنكاره لصلاة الرغائب ما نصه :
( ما حدث بعد السلف رضي الله عنهم لا يخلو إما أن يكونوا علموه وعلموا أنه موافق للشريعة ولم يعملوا به ؟ !
ومعاذ الله أن يكون ذلك ، إذ إنه يلزم منه تنقيصهم وتفضيل من بعدهم عليهم ، ومعلوم أنهم أكمل الناس في كل شيء وأشدهم اتباعا.
وإما أن يكونوا علموه وتركوا العمل به ؟ ولم يتركوه إلا لموجب أوجب تركه ، فكيف يمكن فعله ؟ ! هذا مما لا يتعلل .
وإما أن يكونوا لم يعلموه فيكون من ادعى علمه بعدهم أعلم منهم وافضل واعرف بوجوه البر وأحرص عليها!
ولو كان ذلك خيراً لعلموه ولظهر لهم ومعلوم أنهم أعقل الناس وأعلمهم…الخ ) .
وفيه دليل من ناحية أخرى على أن ما تركه السلف الصالح لابد أن يكون النبي e قد تركه وتركه e للشيء مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه سنة كما ان فعله سنة فمن استحب فعل ما تركه النبي e كان كمن استحب ترك ما فعله ولا فرق ) .
ولا يقول قائل ما هو الدليل على أن الرسول e وصحابته رضي الله عنهم لم يحتفلوا بالمولد لأنه لو وقع لنقل إلينا ، ولذكره من يحتفل بالمولد النبوي لأن الحجة تكون حينئذ أقوى .
ومما يدل كذلك على أن السلف الصالح لم يحتفلوا بيوم المولد النبوي اختلافهم في تحديد اليوم الذي ولد فيه النبي e ، وقد بسط الكلام على ذلك الخلاف الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" (2/260 ـ 261) .
وفيما يلي أنقل أقوالا لبعض من يرى مشروعية الاحتفال بالمولد يتضح من خلالها كذلك أن الرسول e لم يحتفل بالمولد وأنه لم يكن من فعل السلف :
1ـ قال السيوطي ـ رحمه الله ـ في "حسن المقصد" ضمن "الحاوي للفتاوى" (1/189) :
( أول من أحدث فعل ذلك ـ أي فعل المولد ـ صاحب إربل الملك المظفر ) .
2ـ قال أبو شامة ـ رحمه الله ـ في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص95) :
( ومن أحسن ! ما ابتدع في زماننا من هذا القبيل : ما كان يفعل بمدينة إربل جبرها الله تعالى كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي e من الصدقات والمعروف ، وإظهار الزينة والسرور... الخ ) .
3ـ قال الإمام السخاوي ـ رحمه الله ـ نقلاً من "المورد الروي في المولد النبوي" لملا علي قارى
(ص12) : ( أصل عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة ، وإنما حدث بعدها بالمقاصد الحسنة ) .
4ـ قال محمد بن علوي المالكي في "حول الاحتفال بالمولد" (ص19) :
( فالاحتفال بالمولد وإن لم يكن في عهده e ، فهو بدعة ، ولكنها حسنة لاندراجها تحت الأدلة الشرعية ، والقواعد الكلية ) .
5ـ قال يوسف الرفاعي في "الرد المحكم المنيع" (ص153) :
( ان اجتماع الناس على سماع قصة المولد النبوي الشريف ، أمر استحدث بعد عصر النبوة ، بل ما ظهر إلا في أوائل القرن السادس الهجري ) ! .
* * *
الفصل الرابع :
إثبات احتفال الفاطميون بالموالد قبل صاحب إربل وأنهم
أول من احتفل بها
وهذا الفصل مختصر من "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" للعلامة إسماعيل الأنصاري رحمه الله (ص64 ـ 72) :
1 ـ قال تقي الدين المقريزي ـ رحمه الله ـ في "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"
(1/490 ) ؛ تحت عنوان "ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعيادا ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثر نعمهم" :
( كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم ، وهي موسم راس السنة وموسم
أول العام ، ويوم عاشوراء ، ومولد النبي e ، ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام ، ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام ، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب ، وليلة نصفه ، وليلة أول شعبان ، وليلة نصفه... ) اهـ.
2 ـ وقال مفتي الديار المصرية سابقا الشيخ محمد بن بخيت المطيعي في "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام" (ص44) :
( مما أحدث وكثر السؤال عنه الموالد، فنقول :
إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، وأولهم المعز لدين الله .. الخ ) .
3 ـ وقال الشيخ علي محفوظ ـ رحمه الله ـ وهو من كبار علماء مصرـ في "الإبداع في مضار
الابتداع" (ص251) :
( قيل أول من أحدثها ـ أي الموالد ـ بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع ، فابتدعوا ستة موالد :
المولد النبوي ، ومولد الإمام علي رضي الله عنه ، ومولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر... الخ ) .
4 ـ وقال الدكتوران حسن إبراهيم حسن مدير جامعة أسيوط سابقا وطه احمد شرف مفتش المواد الاجتماعية بوزارة التربية والتعليم في كتابهما "المعز لدين الله" (ص284) تحت عنوان "الحفلات والأعياد" :
( ان المعز كان يشترك مع رعاياه في الاحتفال بعيد راس السنة الهجرية ، ومولد النبي e ، وليلة أول رجب ونصفه ، وأول شعبان ونصفه ، وموسم غرة رمضان ، حتى لا يثير نفوس السنيين ! ويقرب مسافة الخلف بين المبادئ السنية والعقائد الشيعية ! ! وكذلك كان المعز لدين الله يستغل هذه الأعياد التي كان زخر بها عهده في نشر خصائص المذهب الإسماعيلي وعقائده!! لذلك كان يحتفل بيوم عاشوراء ليحيي فيها ذكرى الحسين رضي الله عنه ، كما كان يحي ذكرى مولد كثير من الأئمة ، وذكرى مولد الخليفة القائم بالأمر، وهكذا اتخذ المعز من الاحتفال بهذه الأعياد وسيلة لجذب رعاياه إليه ونشر مبادئ المذهب الإسماعيلي) اهـ.
الفصل الخامس :
الجواب على الشبهات التي اعتمد عليها من قال بمشروعية
الاحتفال بالمولد النبوي
لقد استدل من يرى مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ببعض الشبه ؛ وفي هذا الفصل اذكر تلك الشبه مع إجابات العلماء عليها.
ولكن قبل ذكر الشبه التي استند إليها من يقول بجواز إقامة الموالد ؛ أنقل تنبيه مهم لأهل العلم متعلق باستدلال أهل البدع على بدعهم عموما ، وقد ذكره الشيخ علي الحلبي ـ حفظه الله ـ في "علم أصول البدع" (ص137 – 145) حيث قال :
( يستدل كثير من الناس بالنصوص العامة لتمشية بدعهم ، والتدليل على واقعهم !
وفي هذا خطأ كبير ، يناقض قاعدة مهمةً في علم الأصول ، سيأتي تقريرها ـ بعد ـ إن شاء الله .
فمثلاً :
لو أن عدداً من الناس قَدِموا مسجداً للصلاة فيه، فما إن دخلوا ؛ حتى اقترح أحدهم عليهم أن يصلوا تحية المسجد جماعة ! !
فجابهه بعض أصحابه بالإنكار و الرد ! !
فاستدل عليهم المقترِح بحديث : صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ! !
فافترقوا رأيين ! !
بعضهم وافق على هذا الاستدلال ، والبعض الآخر خالف ؛ لأن هذا الدليل إنما مورده في غير هذا المقام ! فما هو القول الفصل ؟
قال الإمام ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير" (ص8–9) : ( يجب أن يعلم أن النبي e بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه ، فقوله تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم (النحل:44) يتناول هذا وهذا ، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ـ كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ـ أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي e عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا: فتعلمنا القرآن و العلم جميعاً.
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة.
وقال أنس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلَّ في أعيننا.
وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين – قيل ثمان سنين – ذكره مالك .
وذلك أن الله تعالى قال : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءايته (ص:29) وقال :
أفلا يتدبرون القرءان (النساء:82) وقال: أفلم يدبروا القول (المؤمنون:68).
وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن.
وكذلك قال تعالى : إنآ أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون (يوسف:2) ، وعقل الكلام متضمن لفهمه ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه ، فالقرآن أولى بذلك .
وأيضاً فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ؟ ) اهـ .
وقال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (3/72) رداً على من يستدل بالأدلة العامة على خلاف فهم السلف ؛ والدعاء إلى العمل به على غير الوجه الذي مضوا عليه في العمل به ماملخصه:
" لو كان دليلاً عليه ؛ لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء، فعمل الأولين كيف كان مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارِض له ، ولو كان ترك العمل .
فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماعِ الأولين ، وكل من خالف الإجماع ؛ فهو مخطئ ، وأمة محمد e لا تجتمع على ضلالةٍ ، فما كانوا عليه من فعلٍ أو تركٍ ؛ فهو السنة
والأمر المعتبر ، وهو الهدى ، وليس ثم إلاَ صواب أو خطأ فكل من خالف السلف الأولين ؛ فهو على خطأ، وهذا كافٍ… ومن هنالك لم يسمع أهل السنة دعوى الرافضة : أن النبي e نص على علي أنه الخليفة بعده ؛ لأن عمل كافة الصحابة على خلافه دليل على بطلانه أو عدمِ اعتباره ؛ لأن الصحابة لا تجتمع على خطا.
وكثيراً ما تجد أهل البدعِ والضلالة يستدلون بالكتاب والسنة ؛ يحملونهما مذاهبهم ، ويغبرون بمشتبهاتهما على العامة ، ويظَنون أنهم على شيء " .
ثم قال (3/77) : " فلهذا كله ؛ يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون ، وما كانوا عليه في العمل به ؛ فهو أحرى بالصواب ، وأقوم في العلم والعمل " .
وقال الإمام الحافظ ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ في "الصارم المنكي في الرد على السبكي" (ص 318) : ( ولا يجوز إحداث تأويل في آيةٍ أو سنةٍ لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه
ولا بينوه للأمة ؛ فإن هذا يتضمن أنهم جهِلوا الحق في هذا، وضلوا عنه ، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر ) اهـ .
وقال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" (2/1 28مختصره) :
" إن إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين :
إما أن يكون خطأ في نفسه ، أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلَف " .
إلا عند ساقطٍ رقيعٍ يقول في مثل هذا المقام : " نحن رجال وهم رجال " ! !
فمثل هذا المغرور قد سقطَ معه الخطاب ، وسد في وجهه الباب ! !
والله الهادي إلى نهج الصواب !
قلت : فإذا وضحت هذه القاعدة ظهر لك أي الفريقين أهدى في المثال الذي صدرنا لك الكلام به !
إذ ذاك الدليل العام لم يجرِ عليه عمل السلف رضي الله عنهم أو فهمهم ؛ استدلالاً به على الجماعة في غيرِ الوارد ؛ كالفرائض أو التراويح ونحوهما .
فهو جرى – إذاً – على جزءٍ من أجزاء عمومه لا على جميع أجزائه .
ومثال آخر تطبيقي سلفي :
روى أبو داود في "سننه" (رقم 538) بسند حسن عن مجاهد ؛ قال : "كنت مع ابن عمر ،
فـثـوب رجل في الظهرِ أو العصر ، فقال : اخرج بنا ؛ فإن هذه بدعة"!
و "معنى التثويب : هؤلاء الَذين يقومون على أبواب المساجد ، فينادون : الصلاة ؛ الصلاة" كما قال الطرطوشي في "الحوادث والبدع" (ص149).
فلو جاء أحد قائلاً : هل من ضيرٍ على من ذكر بالصلاة والله سبحانه يقول :
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ؟ ! لما قبل قوله ، بل رد عليه فهمه ، إذ لم يفهم السلف رضي الله عنهم من هذه الآية هذا الإطلاق وهذا العموم ، ومعلوم عن ابن عمر رضي الله عنهما شدة اتباعه ، ودقة التزامه .
ومثال آخر وهو ما رواه الترمذي ، والحاكم وغيرهما عن نافع أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما، فقال : الحمد لله، والسلام على رسوله قال ابن عمر : ( وأنا أقول : الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله e ، علمنا أن نقول : الحمد لله على كل حالٍ ) .
فقد أنكر ابن عمر رضي الله عنهما على هذا الرجل مع أن عموم قولِ الله تعالى : إِن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الَذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما(الأحزاب:56) تدخل فيه تلك الصلاة !
ولكن ، ما هكذا فهمها الصحابة فمن بعدهم وما هكذا طبقها السلف الصالح رضي الله عنهم ، وفهمهم أولى ، ومرتبتهم أعلى .
ورحم الله الإمام الأوزاعي حيث قال: ( اصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف لقوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح ؛ فإنه يسعك ما وسعهم).
وعليه ؛ نقول : " الحذر الحذر من مخالفة الأولين ! فلو كان ثَمَّ فضل ما ؛ لكان الأولون أحق به ، والله المستعان " ) انتهى كلام الشيخ علي الحلبي حفظه الله بتصرف يسير.
فكن أخي القارئ على ذكر لهذا الكلام لان مناقشة الشبهات ستكون في البداية بالإحالة عليه غالباً .
وبعد بيان ما سبق ؛ أذكر الشبه التي اعتمد عليها من قال بجواز الاحتفال بالمولد مع ردود أهل العلم عليها بالتفصيل ، علماً أني في بعض الشبه أكتفي بنقل الشبهة دون الإحالة على مرجع لانتشار هذه الشبهة أما إذا كان هناك خطأ آخر متعلق بالشبهة فسوف أنقل من ذكر الشبهة وأنقل كلام أهل العلم في الرد على كلامه :
1 ـ الشبهة الأولى: قوله تعالى:قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون (يونس:58) .
حيث يفسر بعضهم الرحمة هنا بالرسول e !
والجواب :
أولاً : يفهم الجواب مما سبق (ص16ـ21) .
ثانياً : (قد فسر هذه الآية الكريمة كبار المفسرين ، كابن جرير وابن كثير والبغوي و القرطبي وابن العربي وغيرهم ، ولم يكن في تفسير واحد منهم أن المقصود بالرحمة في هذه الآية رسول الله e ، وإنما المقصود بالفضل والرحمة المفروح بهما ما عنته الآية السابقة لهذه الآية ، وهو قوله تعالى : يأيها الناس قد جآءتكم موعظة من ربكم وشفآء لما في الصدورِ وهدى ورحمة للمؤمنين (يونس:57 ـ 58) ذلك هو القرآن الكريم .
فقد قال ابن كثير في تفسيره (2/421) : ( هدى ورحمة للمؤمنين أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى ، وإنما ذلك للمؤمنين به ، والمصدقين الموقنين بما فيه ، كقوله تعالى :
وننزل من القرآن ما هو شفآء ورحمة للمؤمنين ولا يزِيد الظالمين إلا خساراً(الاسراء:82). وقوله قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء (فصلت:44) وقوله : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق ، فليفرحوا فإنه أولى ما يفرحون به ) اهـ .
وقال ابن جرير: ( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد e: قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بك ،
وبما أنزل إليك من عند ربك : بفضل الله ؛ أيها الناس الذي تفضل به عليكم وهو الإسلام ، فبينه لكم ودعاكم إليه ، وبرحمته التي رحمكم بها فأنزلها إليكم ، فعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه ، فبصركم بها معالم دينكم ؛ وذلك القرآن .
فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعونيقول : فإن الإسلام الذي دعاهم إليه والقرآن الذي أنزله عليهم ، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وأموالها وكنوزها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) اهـ .
وقال القرطبي : قال أبو سعيد الخدري و ابن عباس رضي الله عنهما : ( قل الله القرآن ، ورحمته الإسلام ) ، وعنهما أيضا : ( فضل الله القرآن ، ورحمته أن جعلكم من أهله ). وعن الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة ( فضل الله الإيمان ورحمته القرآن ) على العكس من القول الأول ) اهـ ) انتهى نقلا من "حوارمع المالكي"(52 – 54) بتصرف.
وقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة و الجهمية "
(ص38) في تفسير قوله تعالى :قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا :
(وقد دارت أقوال السلف على أن فضل الله ورحمته – أي في هذه الآية – الإسلام والسنة ) انتهى كلامه رحمه الله .
ثالثاً: ( إن الرحمة للناس لم تكن بولادة النبي e ، وإنما كانت ببعثه وإرساله إليهم ،
وعلى هذا تدل النصوص من الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقول الله تعالى :ومآ أرسلناك إلا رحمة للعالمين فنص على أن الرحمة للعالمين إنما كانت في إرساله e ، ولم يتعرض لذكر ولادته .
وأما السنة ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل : يا رسول الله ادع علَى المشركين . قال: إني لم أبعث لعاناً.وإنما بعثت رحمة .
وروى الإمام احمد وأبو داود بإسناد حسن عن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله e خطب فقال : أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة ) .
انتهى نقلا من "لرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي" للشيخ حمود التويجري رحمه الله (ص66) .
2 ـ الشبهة الثانية : قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ( الأحزاب : 56 ) .
ويقولون ان المولد يبعث على الصلاة على الرسول e .
الجواب :
أولاً : يفهم الجواب مما سبق (ص16ـ21).
ثانياً : قال الشيخ التويجري في "الرد القوي" (ص70–71) :
( يستحب الإكثار من الصلاة على النبي e في كل وقت لما رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله e: .. صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا .. وقد حث النبي e على الإكثار من الصلاة عليه أوقات معينه كيوم الجمعة وبعد الأذان وعند ذكره e إلى غير تلك الأوقات ومع ذلك لم يأمر أو يحث على الصلاة عليه في ليلة مولده فيعمل بما أمر به رسول الله e، ويرد ما لم يأمر به لأن النبي e قال : من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) انتهى بتصرف .
3 ـ الشبهة الثالثة : يقولون ان الله كرم بعض الأماكن المرتبطة بالأنبياء مثل مقام إبراهيم e حيث قال الله تعالى :واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وهذا فيه حث على الاهتمام بكل ما يتعلق بالأنبياء ومنها الاهتمام بيوم مولد النبي e .
الجواب :
أولاً : يفهم الجواب عن هذا الاستدلال مما سبق (ص16ـ21).
ثانياً : قال الشيخ التويجري ـ رحمه الله ـ في "الرد القوي" (ص83) :
( ان العبادات مبناها على التوقيف والإتباع لا على الرأي والابتداع . فما عظمه الله ورسوله e من زمان أو مكان فانه يستحق التعظيم وما لا فلا .
والله تبارك وتعالى قد أمر عباده أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلى و لم يأمرهم أن يتخذوا يوم مولد النبي e عيداً ويبتدعوا فيه بدعاً لم يؤمروا بها ) انتهى بتصرف .
وأضيف إلى كلام الشيخ رحمه الله أنه قد صح عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنه كان يستلم أركان الكعبة الأربعة فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : ( إنه لا يستلم هذان الركنان ) .
فقال معاوية رضي الله عنه : ( ليس شيءٌ من البيت مهجوراً ) رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد.
وزاد أحمد: (فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لَقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية رضي الله عنه : ( صدقت ) .
4 ـ الشبهة الرابعة : أن النبي e كان يصوم يوم الاثنين فلما سئل عن ذلك قال :
ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه رواه أحمد ومسلم وأبو داود .
استدل به محمد المالكي في "حول الاحتفال بالمولد" (ص10) .
حيث قال: ( أنه e كان يعظّم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث عن أبي قتادة :( أن النبيe سئل عن صوم يوم الاثنين فقال : ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه) رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .
وهذا في معنى الاحتفال به إلا أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أو إطعام طعام أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي e أو سماع شمائله الشريفة ) اهـ.
والجواب :
أولاً : يفهم الجواب عن هذا الاستدلال مما سبق (ص16ـ21) .
ثانياً : قال الشيخ أبو بكر الجزائري ـ حفظه الله ـ في "لإنصاف فيما قيل في المولد"
(ص64–66 ) :
( إذا كان المراد من إقامة المولد هو شكر الله تعالى على نعمة ولادة الرسول e فيه فإن المعقول والمنقول يحتم أن يكون الشكر من نوع ما شكر الرسول e ربه وهو الصوم ؛
لأن الرسول e لا يختار إلا ما هو أفضل ، وعليه فلنصم كما صام ، وإذا سئلنا قلنا :
إنه يوم ولد فيه نبينا فنحن نصومه شكرا لله تعالى.
ثالثا: أن الرسول e لم يصم يوم ولادته وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول إن صح
أنه ذلك ، وإنما صام يوم الاثنين الذي يتكرر مجيئه في كل شهر.
رابعاً : هل النبي e لما صام يوم الاثنين شكراً على نعمة الإيجاد والإمداد وهو تكريمه
ببعثته إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً أضاف إلى الصيام احتفالاً كاحتفال أرباب الموالد من تجمعات ومدائح ؟
والجواب: لا، وإنما اكتفى بالصيام فقط إذاً ألا يكفي الأمة ما كفى نبيها ، ويسعها ما وسعه؟ وهل يقدر عاقل أن يقول : لا ؟
وإذاً فلم ألافتيات على الشارع والتقدم بالزيادة عليه ، والله يقول :ومآ آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ويقول :يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عَلِيم ورسوله e يقول : إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالَة ) انتهى كلام الشيخ الجزائري بتصرف .
وحال من قال بجواز إقامة المولد زيادة على صيام يوم الاثنين الثابت في السنة يشبه حال من صلى سنة المغرب مثلاً ثلاث أو أربع ركعات بحجة أنه أتى بالركعتين التي ثبتت بالسنة ثم أضاف إليها ركعتين زيادة في الخير! ! .
خامساً : قال الشيخ التويجري ـ رحمه الله ـ في "لرد القوي"(61–62) :
( ان النبي e لم يكن يخص اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ان صح ان ذلك هو يوم
مولده بالصيام ولا بشيء من الأعمال دون سائر الأيام ولو كان يعظم يوم مولده ، كما يزعمون لكان يتخذ ذلك اليوم عيداً في كل سنة ، أو كان يخصه بالصيام أو بشيء من الأعمال دون سائر الأيام .
وفي عدم تخصيصه بشيء من الأعمال دون سائر الأيام دليل على أنه لم يكن يفضله على غيره وقد قال تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) انتهى كلام الشيخ التويجري بتصرف.
سادساً: قال الشيخ بن منيع ـ حفظه الله ـ في "حوار مع المالكي" (50–51) :
( أما قول المالكي عن صيام الرسول e يوم الاثنين : ( وهذا في معنى الاحتفال به ،
إلا أن الصورة مختلفة ، ولكن المعنى موجود ) فالجواب عنه يفهم من الجواب عن السؤال التالي:
هل يجوز لنا أن نقول : أن مشروعية الصلاة في الأوقات الخمسة تعني مشروعية الصلاة في الجملة ، وأنه يجوز لنا أن نحدث وقتا أو وقتين زيادة على الصلوات الخمس المكتوبة ؟
وأنه يجوز لنا أن نقول : أن مشروعية صيام رمضان ، تعني مشروعية الصيام في الجملة !
وأنه يجوز لنا أن نحدث صيام شهر آخر غير رمضان على سبيل الوجوب؟
هل يجوز لنا أن نقول : أن مشروعية الحج في زمان مخصوص ، تعني مشروعيته في الجملة ، وأنه يجوز لنا أن نقول : أن بتوسعة وقت الحج طوال العام كالعمرة تخفيفا على الأمة وتوسعة عليها ؟
إننا حينما نقول بذلك لا نقول بأن الصورة مختلفة ، بل الصلاة هي الصلاة ، والصوم هو الصوم، والحج هو الحج ، إلا أن الجديد في ذلك الزيادة على المشروع فقط .
يلزم المالكي أن يقول : بجواز ذلك كما قال : بأن صيام رسول الله e يوم مولده ، يدل على جواز إقامة الاحتفال بذكرى المولد ) انتهى كلام الشيخ ابن منيع بتصرف.
5 ـ الشبهة الخامسة : ما ثبت في الصحيحين ان النبي e لما قدم المدينة رأى اليهود تصوم عاشوراء فقال : ما هذا ؟ قالوا : ( يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ) فقال : أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه.
ورد الاستدلال بهذا الحديث في جواب للحافظ ابن حجر العسقلاني عن سؤال وجه إليه
عن عمل المولد حسبما ذكره السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد" ضمن "الحاوي للفتاوى" (1/196) حيث جاء فيه :
( أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا .
وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين ( ثم ذكر الحديث ) فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة. وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء .
ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من
السنة وفيه ما فيه… إلى آخر كلامه ) .
وقد نقل محمد بن علوي المالكي كلام الإمام ابن حجر مختصرا في "البيان والتعريف"
(ص10–11) وقال في رسالته "حول الاحتفال بالمولد" (ص11–12) :
( أن النبي eكان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت
فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لتذكّرها وتعظيم يومها، لأجلها ولأنه ظرف لها.
وقد أصّل e هذه القاعدة بنفسه كما صرح في الحديث ( ثم ذكر حديث صيام يوم
عاشوراء) اهـ.
والجواب :
أولاً : يفهم مما سبق (ص16ـ21) .
ثانياً : قال العلامة الأنصاري في "القول الفصل" (ص78 – 79) :
( أن المحاسن التي ورد في فتوى الحافظ أن من تحراها في عمل المولد وتجنب ضدها كان عمل المولد بدعة حسنة لا تعد هي بنفسها من البدع وإنما البدعة فيها جعل ذلك الاجتماع المخصوص بالهيئة المخصوصة في الوقت المخصوص واعتبار ذلك العمل من قبيل شعائر الإسلام التي لا تثبت إلا بنص من كتاب أو سنة بحيث يظن العوام الجاهلون بالسنن أن عمل المولد من أعمال القرب المطلوبة شرعا !.
وعمل المولد بهذه القيود بدعة سيئة وجناية على دين الله وزيادة فيه تعد من شرع ما لم يأذن به الله ومن الافتراء على الله والقول في دينه بغير علم .
ثم أن حديث صوم يوم عاشوراء لنجاة موسى عليه السلام فيه وإغراق فرعون فيه ليس فيه سوى أن النبي eصامه وأمر بصومه دون زيادة على ذلك ) انتهى بتصرف.
ثالثاً : أن الشرط الذي شرطه الحافظ ابن حجر للاحتفال بالمولد النبوي وهو تحري ذلك اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى عليه السلام لا يلتزمه كثير ممن تبعوه في الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد فقد قال محمد بن علوي المالكي في "حول الاحتفال بالمولد" (ص6) :
( أننا لا نقول بسنية الاحتفال بالمولد المذكور في ليلة مخصوصة بل من اعتقد ذلك فقد ابتدع في الدين ، لأن ذكره e والتعلق به يجب أن يكون في كل حين ، ويجب أن تمتلئ به النفوس … الخ ) .
وعلى كلامه فإن الإمام ابن حجر العسقلاني يكون قد وقع في الابتداع في الدين فإنه خصص الاحتفال بيوم واحد في العام كما هو واضح في كلامه السابق ! .
رابعاً : قال الشيخ الجزائري في "الإنصاف فيما قيل في المولد"(ص63) :
( ان الرسول e قد صام يوم عاشوراء وحث على صيامه فكان صيامه سنة وسكت عن يوم ولادته الذي هو الثاني عشر من ربيع الأول كما يقول به اكثر المحتفلين فلم يشرع فيه شيئاً فوجب أن نسكت كذلك، ولا نحاول أن نشرع فيه صياماً ولا قياماً فضلاً عن احتفالاً) انتهى كلامه بتصرف.
ثم أقول للمالكي حيث أجاز الاحتفال بالمولد في أي يوم :
هل يجوز أن نصوم أو نعمل أي عمل صالح في أي يوم غير يوم عاشورا شكرا لله لأنه نجى موسى عليه السلام وقومه من فرعون ؟ ! .
وأما بالنسبة لقول المالكي : ( ان النبي eكان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لتذكرها وتعظيم يومها لاجلها ولأنه ظرف لها ) ؛ فقد أجاب عنه الشيخ التويجري رحمه الله في "الرد القوي"
(ص68 – 69) :
( ان من أعظم الأمور التي وقعت في زمن النبي e ، مجيء الملك إليه بالنبوة وهو في غار حراء وتعليمه أول سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق .
ومن أعظم الأمور أيضاً الإسراء به إلى بيت المقدس والعروج به إلى السموات السبع وما فوقها وتكليم الرب تبارك وتعالى له وفرضه الصلوات الخمس ، ومن أعظم الأمور أيضاً هجرته e إلى المدينة ، ومن أعظم الأمور أيضاً وقعة بدر وفتح مكة ، و لم يرد عنه e أنه كان يعمل الاجتماع لتذكر شيء من هذه الأمور العظيمة وتعظيم أيامها.
ولو كانت قاعدة ابن علوي التي توهمها وابتكرها صحيحة لكان النبي e يهتم بأوقات هذه الأمور العظيمة ويعقد الاجتماعات لتذكرها وتعظيم أيامها.
وفي تركه e ذلك أبلغ رد على مزاعم ابن علوي وغيره وتقولهم على النبي e ) انتهى بتصرف واختصار.
6 ـ الشبهة السادسة : ما جاء عن عروة أنه قال في ثويبة مولاة أبي لهب : وكان أبولهب أعتقها فأرضعت النبي e فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة قال له : ماذا لقيت؟ قال أبو لهب : لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة ".
استدل محمد بن علوي المالكي بهذه القصة في رسالته "حول الاحتفال بالمولد" (ص8) حيث قال :
( أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى e وقد
انتفع به الكافر ..
فقد جاء في البخاري أنه يخفَف عن أبي لهب كل يوم اثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة المصطفى e...
وهذه القصة رواها البخاري في الصحيح في كتاب النكاح ونقلها الحافظ ابن حجر في الفتح … وهي وإن كانت مرسلة إلا أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام وطلاب العلم يعرفون الفرق في الاستدلال بالحديث بين المناقب والأحكام وأما انتفاع الكفار بأعمالهم ففيه كلام بين العلماء ليس هذا محل بسطه ، والأصل فيه ما جاء في الصحيح من التخفيف عن أبي طالب بطلب رسول الله e ) انتهى باختصار.
والجواب :
أولاً : يفهم مما جاء في (ص16ـ21) .
ثانياً : قال العلامة الأنصاري رحمه الله في "القول الفصل" (ص84 – 87) :
( ان هذا الخبر لا يجوز الاستدلال به لأمور:
أولاً : أنه مرسل كما يتبين من سياقه عند البخاري في باب وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب من صحيحه فقد قال :
(حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت : ( يا رسول الله انكِحْ أختي بنت أبي سفيان ، فقال: أو تحبين ذلك ؟ فقلت : نعم ، لست لك بمخليةٍ ،
وأحب من شاركني في خيرٍ أختي .
فقال النبي e : إن ذلك لا يحل لي .
قلت : فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة . قال : بنت أم سلمة ؟
قلت : نعم . فقال : لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ماحلت لي . إنها لاَبنة أخي من الرضاعة . أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن .
قال عروة : وثويبة مولاة لأبي لهبٍ وكان أبو لهبٍ أعتقها فأرضعت النبي e ، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حِيبةٍ ، قال له : ماذا لقيت ؟
قال أبو لهب : لم ألق بعدكم . غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة " ) انتهى.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر "فتح الباري" (9/49) : ( إن الخبر ـ أي المتعلق بتلك القضية ـ مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به...الخ ) .
وبهذا نعلم انه لا يجوز الاستدلال بهذا الخبر لأنه مرسل ، والمرسل من قسم الضعيف لأننا
لا نعلم صدق من أخبر عروة بذلك الخبر ؛ والبخاري رحمه الله لم يشترط الصحة في كتابه
إلا على الأحاديث المتصلة السند .
ثانياً : أن ذلك الخبر لو كان موصولا لا حجة فيه لأنه رؤيا منام ورؤيا المنام لا يثبت بها حكم شرعي ذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر.
وقد قال علوي بن عباس المالكي ـ والد محمد المالكي ـ في "نفحات الإسلام من البلد الحرام" (ص164–165) والذي جمع مواضيعه ورتبه محمد المالكي نفسه ؛ أثناء إنكاره القصة المشهورة الباطلة عن الشيخ احمد خادم الحجرة النبوية :
( النبي e قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، وترك للناس شريعة واحدة
لا تحتاج إلى تتميم برؤيا في المنام ، والرؤيا المنامة ليست طريقاً للتشريع ولا مستنداً لحكم شرعي أصلاً لأن النائم لا يضبط لغفلته بمنامه فكيف يعتمد على رؤياه ...الخ ) .
ثالثاً : أن ما في مرسل عروة هذا من أن إعتاق أبي لهب ثويبة كان قبل إرضاعها النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما عند أهل السير من أن إعتاق أبى لهب إياها كان بعد ذلك الإرضاع بدهر طويل كما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (9/48) وأوضحه في "الإصابة في تمييز الصحابة" (4/250) والحافظ ابن عبدالبر في "الاستيعاب في أسماء الأصحاب"
(1/12) والحافظ ابن الجوزي في "الوفا بأحوال المصطفى" (1/106).
رابعاً : أن هذا الخبر مخالف لظاهر القرآن كما أوضحه الحافظ ابن حجر في " الفتح " حيث قال في كلامه عليه (9/49) : ( وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة ؛ لكنه مخالف لظاهر القرآن ، قال الله تعالى وقدمنآ إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبآء منثوراً ) ثم نقل عن حاشية ابن المنير أن ما في ذلك المرسل من اعتبار طاعة الكافر مع كفره محال لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح وذلك مفقود مع الكافر.
فإعتاق أبى لهب لثويبة ما دام الأمر كذلك لم يكن قربة معتبرة فإن قيل إن قصة إعتاق أبى لهب ثويبة مخصوصة من ذلك كقصة أبى طالب قلنا : إن تخفيف العذاب عن أبى طالب ثبت بنص صحيح عن النبي e وأما ما وقع لأبى لهب في ذلك المرسل فمستنده مجرد كلام لأبى لهب في المنام فشتان ما بين الأمرين ) انتهى كلام الأنصاري بتصرف .
يضاف إلى ذلك ان تخفيف العذاب عن أبي طالب كان بسبب شفاعة الرسول e كما قال
الرسول e : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منها دماغه .
خامساً: قال الشيخ أبو بكر الجزائري في "الإنصاف فيما قيل في المولد"(ص60) :
( ان الفرح الذي فرحه أبو لهب بمولود لأخيه فرح طبيعي لا تعبدي ، إذ كل إنسان يفرح بالمولود يولد له ، أو لأحد إخوانه أو أقاربه ، والفرح إن لم يكن لله لا يثاب عليه فاعله ، وهذا يضعف هذه الرواية و يبطلها ) اهـ .
سادساً: قال العلامة التويجري رحمه الله في "الرد القوي" (ص56) :
(لم يجيء في هذه الرواية مع ضعفها أنه يخفف عن أبي لهب العذاب كل إثنين ولا أن أبا لهب
أعتق ثويبة من أجل بشارتها إياه بولادة المصطفى e، فكل هذا من التقول على البخاري ) انتهى كلام العلامة التويجري بتصرف .
سابعاً : وقال العلامة التويجري رحمه الله أيضاً في المصدر السابق :
(لم يثبت من طريق صحيح أن أبا لهب فرح بولادة النبي e ، ولا أن ثويبة بشرته بولادته ، فكل هذا لم يثبت ، ومن ادعى ثبوت شيء من ذلك فعليه إقامة الدليل على ما ادعاه.ولن يجد إلى الدليل الصحيح سبيلاً ) انتهى بتصرف.
ثامناً : قول المالكي : (وهذه القصة رواها البخاري في الصحيح في كتاب النكاح ونقلها الحافظ ابن حجر في الفتح ـ إلى ان قال ـ وهي وان كانت مرسلة الا أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام وطلاب العلم يعرفون الفرق في الاستدلال بالحديث بين المناقب والأحكام .
وأما انتفاع الكفار بأعمالهم ففيه كلام بين العلماء ليس هذا بسطه والأصل فيه ما جاء في الصحيح من التخفيف عن أبي طالب بطلب رسول الله e ) يثير عندي بعض الأسئلة وهي :
من أين نقل الحافظ ابن حجر هذه القصة في "الفتح" ؟ !
ولماذا أورد المالكي هذه القصة ؟ !
ان كتاب الحافظ ابن حجر "فتح الباري" إنما هو شرح للأحاديث والآثار الواردة في صحيح البخاري ، فما معنى التفريق بين إخراج البخاري لهذه القصة في صحيحه وبين نقل ابن حجر لها في الفتح ؟! أم ان المقصود تكثير المصادر ليوهم السذج ؟
ثم ان المالكي إنما أورد هذه القصة ليستدل بها على جواز بل سنية الاحتفال بالمولد كما مر معنا سابقا، فما معنى قوله عن هذه القصة : (أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام وطلاب العلم يعرفون الفرق في الاستدلال بالحديث بين المناقب والأحكام ) ؟ !
هل يقصد انه لا يريد ذكر هذه القصة لبيان حلال أو حرام وإنما لبيان للمناقب والخصائص ؟ فما فائدة ذكرها كدليل على جواز الاحتفال بالمولد ؟
وأما بالنسبة إلى تخفيف العذاب عن الكافر فقد مر معنا قول ابن حجر في ذلك واستدلاله بالآية ، والأصل في ذلك تلك الآية بالإضافة إلى بعض الأحاديث الصحيحة ومنها ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قلت : ( يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين ، فهل ذلك نافعه ؟
قال : لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .
فهذا هو الأصل وقد قال محمد بن علوي المالكي نفسه في "شرح منظومة الورقات"(ص28) في باب النهي :
( الكفار داخلون في الخطاب بجميع فروع الشريعة فهم مخاطبون بها مع انتفاء شرطها وهو الإسلام فيعذبون حينئذ على أمرين :
على ترك الفروع وعلى ترك الإسلام الذي بدونه فروع الشريعة ممنوعة لا تصح ومع كونهم مخاطبين بالفروع إلا أنها لا تصح منهم إذا فعلوها إلا بالإسلام ) اهـ.
أما تخفيف العذاب عن أبي طالب فإنه مستثنى من هذا الأصل وذلك بسبب شفاعة e كما مر معنا وباعتراف المالكي ! .
7 ـ الشبهة السابعة : قول الرسول e في فضل يوم الجمعة : إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض رواه أبو داود.
استدل بهذا محمد المالكي في "حول الاحتفال" (ص14) حيث قال :
( يؤخذ من قوله eفي فضل يوم الجمعة ، وعدّ مزاياه : وفيه خلق آدم تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين.
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً مهما تكرر
كما والحال في يوم الجمعة ، شكراً للنعمة ، وإظهاراً لمزية النبوة وإحياءً للحوادث التاريخية) .
الجواب :
أولاً : يفهم الجواب مما سبق (ص16ـ21) .
ثانياً : قال العلامة ابن منيع حفظه الله في "حوار مع المالكي" (ص87) :
(جاءت النصوص الشرعية الصريحة الثابتة بفضل يوم الجمعة ، واعتباره أحد أعياد المسلمين، واختصاصه بخصائص ليست لغيره ، فنحن نقف مع النصوص الشرعية حيث وقفت ، ونسير معها حيث اتجهت : ومآ آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
ولا نبيح لأنفسنا أن نشرع تفضيل يوم بعينه ، لم يرد النص بتفضيله ، إذ لو كان خيرا لشرع لنا تفضيله ، كما شرع لنا تفضيل يوم الجمعة وما كان ربك نسياً .
ولو جاءت نصوص شرعية تنص على فضل يوم ذكرى ميلاد رسول الله e ، لكنا بتوفيق الله وهدايته أسرع الناس إلى اعتبار ذلك والأخذ به ، امتثالا لقوله تعالى :
ومآ آتاكم الرسول فخذوه ) اهـ .
ثالثا ً: قال العلامة التويجري ـ رحمه الله ـ في "ارد القوي"(ص82) :
( ان النبي e لم يكن يخص يوم الجمعة بشيء من نوافل الأعمال وقد نهى عن تخصيصه
بالصيام وعن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي e قال : لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم .
وإذا كان النبي e لم يخص يوم الجمعة بشيء من نوافل الأعمال من أجل آدم عليه السلام قد خلق فيه فأي متعلق لابن علوي وغيره في ذكر ذلك الاستدلال به على جواز الاحتفال بالمولد ) انتهى بتصرف.
رابعاً : قال علي العيسى في "العقلية الإسلامية وفكرة المولد"(ص64–65) :
( لماذا نهى رسول الله e عن صيام يوم الجمعة تطوعاً وحده ؟
ولماذا لم يقل إثر إخباره أو فيما بعد : فأقيموا لأبيكم وأبي عيد وجود ، أو حلقة ذكر بمناسبة الذكرى نتدارس فيها نعم الله على خلقه ، ونذكر فيها العامة ، وتكون سنة لمن بعدنا ؟ كما يقول بما يشبه هذا بعض المتأخرين.
وهل يمكن أن يجرؤ الشك على أن يوحى لنا بأن محمدا e ذا الخلق العظيم محبته لأبيه آدم عليه السلام قاصرة أو معدومة ؟ ) انتهى بتصرف.
خامساً : أما بالنسبة لقول المالكي : (ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه ، بل يكون له خصوصا ولنوعه عموما).
فقد أجاب عنه الشيخ عبدالله بن منيع في "حوار مع المالكي"(ص88) بقوله :
( ان هذا القول يقتضي أن نقيس في العبادات ، ولا يخفى ما عليه أهل العلم من علماء الأصول و فقهاء الأمة ، ممن يقولون بالقياس من أنهم يمنعون القياس في العبادات ، لأن القياس مبني على اتحاد المقيس والمقيس عليه في العلة ، والعبادات مبناها على التوقيف والتعبد، سواء كانت علة التشريع ظاهرة أو خفية ، فلا يجوز أن نقيس على أصل مشروعية الصلاة بتشريع صلاة سادسة بين الفجر والظهر مثلا ، ولا بتشريع صيام آخر بعد رمضان أو قبله ، ولا بزيادة ركعة أو أكثر على ركعات صلاة من الصلوات الخمس ، بحجة أن التشريع في الصلوات أو في الصيام أو في غيرهما من أنواع العبادة لها خصوصا ولنوعها عموما.
إن الله حينما فضل يوم الجمعة على غيره من الأيام الأخرى على غيره من الأيام الأخرى ، وتحدث رسول الله e بما يدل على ذلك التفضيل و يؤكده قادر على تفضيل غيره من الأيام،كيوم مولد الرسول e ، أو بعثته أو هجرته، ويعطي عباده نصوصا صريحة من قوله تعالى ، أو قول رسوله الأمين e ، في تفضيل ذلك اليوم كما هو الحال في يوم الجمعة ، و في ليلة القدر ) انتهى كلامه باختصار.
8 ـ الشبهة الثامنة : ما أخرجه البيهقي عن انس رضي الله عنه : أن النبي eعق عن نفسه بعد النبوة .
خرج السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد" عمل المولد عليه ولفظه : ( قلت قد ظهر لي تخريجه ـ أي عمل المولد ـ على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن انس رضي الله عنه: أن النبي e عق عن نفسه بعد النبوة مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته ، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي e
اظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك
فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده ) إلى آخر كلامه ، كما استدل بهذا الحديث محمد المالكي في "البيان والتعريف" (ص11) .
الجواب :
أولاً : قال العلامة الأنصاري ـ رحمه الله ـ في "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولدخير الرسل"(ص80–84) :
( ان تخريج السيوطي عمل المولد النبوي على هذا الحديث ساقط لعدم ثبوت ذلك الحديث عند أهل العلم .
فقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في (كتاب العقيقة) من"تلخيص الحبير" (4/147) :
( قوله ـ أي الرافعي ـ روى أنه eعق عن نفسه بعد النبوة البيهقي من حديث قتادة
عن انس وقال : منكر ؛ وفيه عبدالله ابن محرر وهو ضعيف جدا، وقال عبد الرزاق إنما تكلموا فيه لأجل هذا الحديث ، قال البيهقي وروى من وجه آخر عن قتادة ومن وجه آخر عن انس وليس بشيء ، قلت ـ القائل ابن حجر العسقلاني ـ أما الوجه الآخر عن قتادة فلم أره مرفوعا وإنما ورد أنه كان يفتي به كما حكاه ابن عبد البر بل جزم البزار وغيره بتفرد عبدالله بن محرر به عن قتادة ، وأما الوجه الآخر عن انس فأخرجه أبو الشيخ في الأضاحي وابن أيمن في مصنفه والخلال من طريق عبدالله بن المثنى عن ثمامة بن عبدالله بن انس عن أبيه وقال النووي في "شرح المهذب" هذا حديث باطل ) اهـ .
كما ضعفه في "فتح الباري" (9/509) .
وقال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في "المجموع شرح المهذب" (8/412) في ( باب العقيقة ) : ( أما الحديث الذي ذكره ـ أي الشيرازي ـ في عق النبي e عن نفسه فرواه البيهقي بإسناده عن عبدالله بن محرر بالحاء المهملة والراء المكررة عن قتادة عن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عنه نفسه بعد النبوة وهذا حديث باطل ، قال البيهقي هو حديث منكر ، وروى البيهقي بإسناده عن عبد الرزاق قال : ( إنما تركوا عبدالله بن محرر بسبب هذا الحديث ) ، قال البيهقي : وقد روى هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة ، ومن وجه آخر عن انس وليس بشيء ، فهو حديث باطل وعبدالله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه قال الحفاظ هو ـ أي عبدالله بن محررـ متروك ) اهـ .
وقال الحافظ الذهبي في ترجمة عبدالله بن محرر من "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" :
( من بلاياه ـ أي عبدالله بن محررـ روى عن قتادة عن انس ( أن النبي e عق عن
نفسه بعدما بعث ) رواه شيخان عنه ) اهـ .
وقال البزار : ( تفرد به عبدالله بن المحرر وهو ضعيف جدا إنما يكتب عنه ما لا يوجد عند غيره ) ورد هذا في ( باب قضاء العقيقة ) من كتاب "كشف الأستار عن زوائد البزار" للحافظ الهيثمي .
وقال البيهقي في ( باب العقيقة سنة ) من "السنن الكبرى" (9/300) :
( قال عبدالزاق إنما تركوا عبدالله ابن محرر لحال هذا الحديث وقد روى من وجه آخر عن قتادة ومن آخر عن انس وليس بشيء ) . انتهى كلام البيهقي الذي عزا إليه السيوطي ذلك الحديث الذي ادعى أنه ظهر له تخريج عمل المولد عليه وقد أساء السيوطي التصرف حيث لم يذكر كلام البيهقي في الحديث بل تركه ليوهم من يقرأ تخريجه أنه صالح للاستدلال به.
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص57) :
( قال أحمد : عبدالله بن المحرر عن قتادة عن أنس " أنَّ النبي e عقَّ عن نفسه ،
منكر، وضعف عبدالله بن محرر.
وفي "مصنف عبدالرزاق" أنبأنا عبدالله بن محرر عن قتادة عن أنس ، انَّ النبي e عقَّ عن نفسه بعد النبوة ، قال عبدالرزاق : إنما تركوا ابن محرر لهذا الحديث ) انتهى كلام ابن القيم باختصار.
وقال الزرقاني في "شرح المواهب اللدنية" (1/140) تعليقا على قول السيوطي السابق :
( تعقبه النجم بأنه حديث منكر كما قاله الحافظ بل قال ـ أي النووي ـ في "شرح المهذب"
( انه حديث باطل ) فالتخريج عليه ساقط ) انتهى كلام الزرقاني .
كما ضعف هذا الحديث الإمام مالك كما في ( كتاب العقيقة ) من "المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام" لابن رشد (2/15) .
كما ضعف راويه عبدالله بن محرر ابن حبان في "كتاب المجروحين" (2/29) ) انتهى كلام العلامة الأنصاري رحمه الله بتصرف .
ثانياً: قال الشيخ أبو بكر الجزائري ـ حفظه الله ـ في "الإنصاف فيما قيل في المولد"
(ص61 –62):
( هل ثبت أن العقيقة كانت مشروعة لأهل الجاهلية وهم يعملون بها حتى نقول إن عبدالمطلب قد عق عن ابن ولده ؟
وهل أعمال أهل الجاهلية يعتد بها في الإسلام؟ حتى نقول إذا عق النبي e عن نفسه شكراً لا قياماً بسنة العقيقة، إذا قد عق عنه ؟
سبحان الله ما أعجب هذا الاستدلال وما أغربه ، وهل إذا ثبت أن النبي e ذبح شاة
شكراً لله تعالى على نعمة إيجاده وإمداده يلزم من ذلك اتخاذ يوم ولادته eعيداً للناس ؟
و لم لم يدعُ إلى ذلك رسول الله e ويبين للناس ماذا يجب عليهم فيه من أقوال وأعمال ؟ كما بين ذلك في عيدي الفطر والأضحى .
أنسي ذلك أم كتمه ، وهو المأمور بالبلاغ ؟
سبحانك اللهم إن رسولك e ما نسي ولا كتم ولكن الإنسان كان أكثر شيء جدلاً) اهـ.
9 ـ الشبهة التاسعة : ان جبريل عليه السلام طلب ليلة الإسراء والمعراج من النبي e،
بصلاة ركعتين ببيت لحم ، ثم قال : ( أتدري أين صليت ؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام ) .
استدل به محمد علوي المالكي في "حول الاحتفال" (ص14ـ15) .
الجواب :
أولاً : قال العلامة الأنصاري ـ رحمه الله ـ في "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" (ص 138–145) :
( ان أمر جبريل عليه السلام الرسول e بذلك ورد من رواية شداد ابن أوس وانس
بن مالك وأبي هريرة رضي الله عنهم لقصة الإسراء لكنه مستنكر كما يتبين فيما يلي :
أ – أما رواية شداد بن أوس رضي الله عنه فقد قال الإمام الترمذي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن الضحاك الزبيدي حدثنا عمرو بن الحارث عن عبدالله بن سالم الأشعري عن محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي حدثنا أبو الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير حدثنا شداد بن أوس قال: قلنا: يا رسول الله كيف أسري بك قال : ( … ( فذكر فيه ) ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصور فقال ( أي جبريل عليه السلام ) :
انزل فنزلت فقال صل . فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم . قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى بن مريم … ) الخ .
ومن طريق الترمذي هذا بسنده ومتنه روى البيهقي هذه الرواية كما بينه ابن كثير في تفسيره و هذه الرواية تكلم فيها الحافظان الذهبي وابن كثير متعقبين بكلامهما قول البيهقي في إسنادها ( هذا إسناد صحيح ) .
فقد قال الحافظ الذهبي في "تاريخ الإسلام" (1/142) بعد إيراد كلام البيهقي هذا في إسنادها :
( قلت : ابن زبريق ـ أي إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ـ تكلم فيه النسائي ) اهـ .
وقال في ترجمته من "ميزان الاعتدال" (1/181) ان النسائي قال ليس بثقة ثم قال أبو داود ليس بشيء وكذبه محدث حمص محمد ابن عوف الطائي.
تعقب الذهبي بهذا قول أبي حاتم في ابن زبريق : ( لا باس به سمعت ابن معين يثني عليه ) .
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة الإسراء بعد إيراده حديث شداد بن أوس هذا من طريق الترمذي :
( رواه البيهقي من طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي به ) ثم قال بعد تمامه : ( هذا إسناد صحيح قال وقد روى هذا الحديث عن شداد بن أوس بطوله الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي به ) ذكر ابن كثير هذا كله ثم قال : ( ولا شك أن هذا الحديث أعني الحديث المروي عن شداد بن أوس مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم وسؤال الصديق عن نعت بيت المقدس وغير ذلك والله أعلم ) اهـ .
وأما رواية أنس رضي الله عنه لهذا الحديث فعند النسائي في كتاب الصلاة تحت عنوان فرض الصلاة في (1/221) من "المجتبى" قال : (اخبرنا عمرو ابن هشام قال حدثنا مخلد هو ابن الحسين عن سعيد بن عبدالعزيز قال حدثنا يزيد ابن أبي مالك قال حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله e قال : ( ثم ذكر الحديث وفيه) : (ثم قال : نزل فصل فنزلت فصليت فقال أتدري أين صليت ؟ صليت ببت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام … ) الخ .
ومن طريق "المجتبى"للنسائي هذا أورد ابن كثير هذه الرواية في "تفسيره" (3/6) ضمن أحاديث الإسراء وقال في (ص5) : (فيها غرابة ونكارة جداً ) .
وقال في "الفصول في اختصار سيرة الرسول" في حديث انس هذا الذي رواه النسائي في "المجتبى":
( غريب منكر جدا وإسناده مقارب وفي الأحاديث الصحيحة ما يدل على نكارته والله أعلم ) اهـ .
وأما رواية أبي هريرة رضي الله عنه لهذا الحديث فعند ابن حبان في "المجروحين"
(1/187-188) في ترجمة بكر بن زياد الباهلي قال أبو حاتم بن حبان بعد أن ذكر أنه شيخ
دجال يضع الحديث على الثقات لا يحل ذكره في الكتب الا على سبيل القدح فيه قال : (روى ـ أي بكر بن زياد الباهلي ـ بكر بن زياد عن عبدالله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة ( ثم ذكر الحديث )وهذا شيء لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع فكيف البزل في هذا الشأن ) انتهى كلام ابن حبان.
وقد تلقى كلام ابن حبان في بكر بن زياد الباهلي هذا ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 113 –114 ) ، والسبكي في "شفاء السقام" (ص133) ، والذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/345) ، والشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص441).
وقال ابن كثير في "الفصول في اختصار سيرة الرسول" (ص122) بعد ان ذكر حديث انس المتقدم و ذكر انه غريب منكر جدا قال : ( وكذلك الحديث الذي تفرد به بكر بن زياد الباهلي المتروك عن عبدالله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي e قال : ليلة أسري بي قال جبريل هذا قبر أبيك إبراهيم انزل فصل فيه لا يثبت أيضا لحال بكر بن زياد المذكور ) اهـ .
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في "تفسير سورة الإخلاص" (ص 169) :
(الذي يرويه بعضهم في حديث الإسراء أنه قيل للنبي e هذه طيبة انزل فصل فنزل فصلى هذا مكان أبيك انزل فصل كذب موضوع ؛ لم يصل النبي e تلك الليلة الا في المسجد الأقصى خاصة كما ثبت ذلك في الصحيح ولا نزل إلا فيه ) اهـ .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" : ( قد قيل انه ـ أي النبي e ـ نزل ببيت لحم و صلى فيه ولم يصح ذلك عنه ألبته ) اهـ .
هذا كلام أولئك العلماء في روايات أمر جبريل عليه السلام النبي e وبه يتضح بطلان
دعوى الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (2/50–51) : ( ان الموضوع من حديث بكر بن زياد هو من قوله ( ثم أتى الصخرة ) وأما باقية فقد جاء في طريق أخرى فيها الصلاة ببيت لحم وردت من حديث شداد بن أوس ) اهـ ) انتهى كلام العلامة الأنصاري رحمه الله بتصرف.
وقال الشيخ حمود التويجري ـ رحمه الله ـ عن رواية انس رضي الله عنه لهذا الحديث "الرد القوي" (ص 86) :
(رواه النسائي في سننه عن عمرو بن هشام عن مخلد ـ وهو ابن يزيد القرشي ـ عن سعيد بن
عبدالعزيز عن يزيد بن أبي مالك عن انس بن مالك رضي الله عنه ، وقد قال الحافظ ابن حجر في كل من يزيد ومخلد أنه صدوق له أوهام.
وقال الذهبي في "الميزان" يزيد بن أبي مالك صاحب تدليس وإرسال عمن لم يدرك، وقال يعقوب الفسوي يزيد بن أبي مالك فيه لين، وقال الذهبي أيضا في ترجمة مخلد بن يزيد القرشي صدوق مشهور روى حديثا في الصلاة مرسلا فوصله قال أبو داود مخلد شيخ إنما رواه
الناس مرسلا وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة مخلد بن يزيد القرشي من "تهذيب التهذيب" قال الأثرم عن احمد لا باس به وكان يهم وقال الساجي : كان يهم ثم ذكر ابن حجر من أوهامه حديثا وصله وهو مرسل .
وهذا مما يدعو إلى التوقف في قبول الحديث لأنه يحتمل أن يكون قد وقع فيه وهم من أحد الرجلين.ولهذا قال الحافظ ابن كثير ان فيه غرابة ونكارة جدا ) اهـ.
ثانياً : قال العلامة التويجري ـ رحمه الله ـ في "الرد القوي" (ص87 ـ 88) :
( روى الإمام احمد وأبو داود الطيالسي بإسناد صحيح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الله عنهما ان رسول الله e قال : أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل فلم نزايل ظهره أنا وجبريل حتى انتهينا إلى بيت المقدس.. الحديث وقد رواه الترمذي وقال : ( هذا حديث حسن صحيح ) وصححه أيضا ابن حبان والحاكم والذهبي .
وفي قوله e : فلم نزايل ظهره أنا وجبريل حتى انتهينا إلى بيت المقدس أبلغ رد على ما جاء في حديث انس وشداد بن أوس وأبي هريرة رضي الله عنهم ، ولو ثبت أن النبي e صلى ليلة الإسراء وهو ذاهب إلى بيت المقدس في بيت لحم لم يكن في ذلك ما يؤيد بدعة المولد ولا غيرها من البدع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بتعظيم بيت لحم و لم يأمرهم بالصلاة فيه ولم يكن أحد من الصحابة رضي الله عنهم يعظم بيت لحم ويصلي فيه.
والخير كل الخير في اتباع ما كان عليه رسول الله eوأصحابه رضي الله عنهم ، والشر كل الشر في مخالفتهم والأخذ بالبدع وتعظيمها وتعظيم أهلها وإطراح الأحاديث الصحيحة في ذم المحدثات والتحذير منها ) اهـ .
((( التأكد من صحة الحديث )))) .
10 ـ الشبهة العاشرة : ان شعراء الصحابة كانوا يقولون قصائد المدح في الرسول e مثل كعب بن زهير وحسان بن ثابت ؛ فكان يرضى عملهم ؛ ويكافئهم على ذلك بالصلات والطيبات.
استدل بهذا هاشم الرفاعي في مقاله كما في "الرد القوي" (ص78) للتويجري والحميري في "بلوغ المأمول" (ص49–52) .
الجواب : قال العلامة التويجري رحمه الله في "الرد القوي" (ص79) :
( لم يذكر عن أحد من شعراء الصحابة رضي الله عنهم ، أنه كان يتقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإنشاد القصائد في ليلة مولده وإنما كان إنشادهم في الغالب عند وقوع الفتوح والظفر بالأعداء ، وعلى هذا فليس إنشاد كعب بن زهير وحسان بن ثابت وغيرهما من شعراء الصحابة رضي الله عنهم بين يدي النبي e ما يتعلق به الرفاعي وغيره في تأييد بدعة المولد) انتهى كلامه باختصار.
11 ـ الشبهة الحادية عشر : أن الموالد اجتماع ذكر وصدقة ومدح وتعظيم للجناب النبوي وهذه أمور مطلوبة شرعا وممدوحة وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها.
الجواب :
قال العلامة إسماعيل الأنصاري ـ رحمه الله ـ في "القول الفصل" :
( الجواب عن هذه الشبهة بأمور أحدها: ما أوضحه السيد رشيد رضا في الجزء الخامس من "الفتاوى" وهو أن الإنكار على إقامة المولد وان كان يحتوي على بعض الأمور المشروعة يرجع إلى ذلك الاجتماع المخصوص بتلك الهيئة المخصوصة في الوقت المخصوص وإلى اعتبار ذلك العمل من شعائر الإسلام التي لا تثبت إلا بنص الشارع بحيث يظن العوام والجاهلون بالسنن أن عمل المولد من أعمال القرب المطلوبة شرعا.
وعمل المولد بهذه القيود بدعة سيئة وجناية على دين الله وزيادة فيه تعد من شرع ما لم يأذن به الله ومن الافتراء على الله والقول في دينه بغير علم .
قال العلامة ابن الحاج ـ رحمه الله ـ في "المدخل" (2/312) :
( فإن خلا ـ أي عمل المولد ـ منه ـ أي من السماع ـ وعمل طعاما فقط ، ونوى به المولد ودعا إليه الاخوان ، وسلم من كل ما تقدم ذكره ـ أي من المفاسد ـ فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ إن ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين ، وإتباع السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه ، لأنهم أشد الناس اتباعاً لسنة رسول الله e ، وتعظيما له ولسنته e ، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد، ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم...الخ ) .
وقال أيضاً فيمن اقتصر في عمل المولد على إطعام الاخوان ليس إلا ونوى بذلك المولد :
( هذا ـ أي قراءة البخاري عوضا عن تلك الأعمال بنية المولد ـ وإن كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات وفيها البركة العظيمة والخير الكثير لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي كما ينبغي لا بنية المولد ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب إلى الله تعالى ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان مذموماً مخالفا فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها)) انتهى النقل عن " القول الفصل" باختصار .
فالأعمال الصالحة لا تقبل إلا بشرطين كما قال أهل العلم : الإخلاص ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
12 ـ الشبهة الثانية عشر : أن الاحتفال بالمولد النبوي أمر استحسنه العلماء وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعا للقاعدة المأخوذة من أثر ابن مسعود رضي الله عنه :
( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح ) .
ورد الاستدلال بهذا في رسالة محمد بن علوي المالكي "حول الاحتفال" (ص15) .
الجواب :
أولاً : ان المقصود بقول ابن مسعود رضي الله عنه الصحابة لأنه قال هذا القول استدلالا على إجماع الصحابة على اختيار أبوبكر الصديق رضي الله عنه للخلافة.
ومن توسع في الاستدلال بهذا الأثر قصد به الإجماع كما بينت ذلك بشيء من التفصيل في
"البراهين على ألا بدعة حسنة في الدين" .
ثانياً: قال الإمام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2 /613ـ 614) في كلامه على المواسم المبتدعة من موالد وغيرها: ( إذا فعلها قوم ذوو فضل ودين فقد تركها في زمان هؤلاء، معتقداً لكراهتها ، وأنكرها قوم إن لم يكونوا أفضل ممن فعلها ؛ فليسوا دونهم. ولو كانوا دونهم في الفضل فقد تنازع فيها أولو الأمر، فترد إلى الله والرسول.وكتاب الله وسنة رسوله مع من كرهها، لا مع من رخص فيها.
ثم عامة المتقدمين ، الذين هم أفضل من المتأخرين ؛ مع هؤلاء ) اهـ .
ثالثاً: قال العلامة ابن منيع ـ حفظه الله ـ في "حوار مع المالكي" (ص90) :
( نقول للمالكي وأمثاله من أول من استحسن المولد من العلماء، هل هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قطعاً : لا ..
هل هم التابعون؟
قطعاً : لا ..
هل هم تابعو التابعين ؟
قطعاً : لا...
هل هم قادة القرامطة والفاطميين والرافضة بمختلف طوائفهم ونحلهم ؟
اللهم : نعم ..
هل هم أهل الطرق الصوفية ؟
اللهم : نعم ) انتهى كلامه بتصرف.
( فهل نقبل أمرا أتى به شر من وطأ الحصا، القرامطة والفاطميون وغيرهم ، ممن يشهد التاريخ الإسلامي بتدنيسهم محيا الإسلام ، ونترك ما عليه أصحاب القرون الثلاثة المفضلة ، من صحابة وتابعين وعلماء إجلاء، لهم أقداحهم المعلاة في العلم والتقى ، والصلاح والاستقامة وسلامة المعتقد، ودقة النظر وصدق الاتباع والاقتداء بمن أمرنا الله تعالى أن نجعله أسوة لنا وقدوة لمسالكنا وهو رسولنا وحبيبنا ونبينا محمد e) .
13ـ الشبهة الثالثة عشر : يستدل البعض بأقوال لبعض أهل العلم الذين قالوا بجواز الاحتفال بالمولد النبوي .
والجواب :
ان هذه المسألة قد أختلف فيها منذ القديم وليست أقوال أولئك العلماء وغيرهم حجة وانما الحجة في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول .
فالواجب علينا إذاً ان نرجع إلى كتاب ربنا وسنة نبينا بفهم سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين .
وعندما رجعنا إلى الكتاب والسنة بفهم سلفنا الصالح لم نجد ما يدل على جواز إقامة المولد كما مر معنا فيما سبق .
وأختم الجواب عن هذه الشبهة بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/613ـ614) أثناء كلامه عن الموالد وغيرها من البدع :
(إذا فعلها قوم ذوو فضل ودين فقد تركها في زمان هؤلاء، معتقداً لكراهتها، وأنكرها قوم إن لم يكونوا أفضل ممن فعلها، فليسوا دونهم.
ولو كانوا دونهم في الفضل فقد تنازع فيها أولو الأمر.
فترد إلى الله والرسول وكتاب الله وسنة رسوله مع من كرهها، لا مع من رخص فيها.ثم عامة المتقدمين ، الذين هم أفضل من المتأخرين ، مع هؤلاء ) اهـ .
14 ـ الشبهة الرابعة عشر : دعوى تلقي الأوامر النبوية بالاحتفال بذلك اليوم في المنام !
فقد ورد في مقدمة مولد محمد عثمان الميرغني المسمى "الأسرار الربانية" (ص7) :
( رأيت في تلك الليلة النبي eرؤية مناميه ، ورؤيته حق كما أورد عنه ثقات الرواة بطرق الإحصان ، فأمرني أن أصنف مولداً وأجعل إحدى قافيتيه هآءً بهية ، والأخرى نوناً كما فعلت لأنها نصف دائرة الأكوان وبشرني أنه يحضر في قراءته إذا قرىء فسطرت ليتشرف به كلما تلي حكاية نوميه وأنه يستجاب الدعاء عند ذكر الولادة وعند الفراغ منه فنسأل الله الغفران) اهـ .
الجواب :
قال الشيخ العلامة اسماعيل الأنصاري ـ رحمه الله ـ في " القول الفصل " :
(ان الاعتماد على دعوى تلقي أوامر نبوية في المنام بالاحتفال بالمولد النبوي فلا يعتبر لأن الرؤيا في المنام لا تثبت بها سنة لم تثبت ولا تبطل بها سنة ثبتت كما بينه أهل العلم.
فقد قال الإمام النووي في شرح قول مسلم في "الكشف عن معايب رواة الحديث" من "صحيحه " (1/115) : ( لا يجوز إثبات حكم شرعي به ـ أي بالرؤيا المناميه ـ لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظا لا مغفلا ، ولا سيئ الحفظ ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط والنائم ليس بهذه الصفة فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه.
هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف مايحكم به الولاة .
أما إذا رأى النبي eيأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده
إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل بما تقرر من أصل ذلك الشيء والله أعلم ) اهـ .
وقال ابن الحاج في "المدخل" (4/302–304) :
( ليحذر مما يقع لبعض الناس في هذا الزمان وهو أن من يرى النبي eفي منامه فيأمره
بشيء أو ينهاه عن شيء ينتبه من نومه فيقدم على فعله أو تركه بمجرد المنام دون أن يعرضه على كتاب الله وسنة رسول الله e وعلى قواعد السلف رضي الله عنهم قال تعالى في كتابه العزيز: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول .
ومعنى قوله :فردوه إلى الله أي إلى كتاب الله تعالى ، ومعنى قوله : والرسول أي إلى الرسول في حياته وإلى سنته بعد وفاته على ما قاله العلماء رحمة الله عليهم وإن كانت رؤيا النبي e حقا لا شك فيها لقوله e: ومن رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي على اختلاف الروايات ، لكن لم يكلف الله تعالى عباده بشيء مما يقع لهم في منامهم قال e : رفع القلم عن ثلاثة وعد منهم النائم حتى يستيقظ لأنه إذا كان نائما فليس من أهل التكليف فلا يعمل بشيء يراه في نومه.
هذا وجه ؛ ووجه ثان وهو أن العلم والرواية لا يوخذان إلا من متيقظ حاضر العقل والنائم ليس كذلك.
ووجه ثالث : وهو أن العمل بالمنام مخالف لقول صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلامه حيث قال : تركت فيكم الثقلين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله و سنتي فجعل e النجاة من الضلالة في التمسك بهذين الثقلين فقط لا ثالث لهما.ومن اعتمد على ما يراه في نومه فقد زاد لهما ثالث فعلى هذا من رأى النبي eفي منامه وأمره بشيء أو نهاه عن شيء فيتعين عليه عرض ذلك على الكتاب والسنة إذ إنه e إنما كلف أمته باتباعهما وقد قال e : فيبلغ الشاهد الغائب إلى ان قال : ( فإذا عرضها على شريعته e فإن وافقتها علم أن الرؤيا حق وأن الكلام حق وتبقى الرؤيا تأنيساً له وإن خالفتها علم ان الرؤيا حق وأن الكلام الذي وقع له فيها ألقاه الشيطان له في ذهنه والنفس الأمارة لأنهما يوسوسان له في حال يقظته فكيف في حال نومه … الخ ) .
وقال الإمام الشاطبي في "الاعتصام" (1/ 209) : ( الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية فإن سوغتها عمل بمقتضاها وإلا وجب تركها والإعراض عنها وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة وأما استفادة الأحكام فلا ) اهـ .
وقال الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/94) تعليقاً على ما ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة احمد بن كثير أنه رأى النبي e وأبابكر وعمر وهابيل واستحلف هابيل أن هذا ـ أي الدم الموجود بالمكان الذي يقال ـ بأنه هو الذي قتل فيه قابيل أخاه هابيل المسمى بمغارة الدم بدمشق ـ دمه ـ أي هابيل ـ فحلف له وذكر أنه سأل الله تعالى أن يجعل هذا المكان يستجاب عنده الدعاء فأجابه إلى ذلك وصدقه في ذلك رسول الله e وقال إنه وأبا بكر وعمر يزورون هذا المكان في كل يوم خميس ) قال ابن كثير تعليقاً على ذلك ما نصه :
( هذا منام لو صح عن احمد بن كثير هذا لم يترتب عليه حكم شرعي ) اهـ ) انتتهى جواب العلامة الأنصاري رحمه الله باختصار .
وقد نقلت فيما سبق أثناء الرد على من استدل بقصة تخفيف العذاب عن أبي لهب الضعيفة كلاما لعلوي بن عباس المالكي ـ والد محمد المالكي ـ في "نفحات الإسلام من البلد الحرام"والذي جمع مواضيعه ورتبه محمد بن علوي المالكي نفسه (ص164–165) حول عدم شرعية اخذ الأحكام من المنامات .
15ـ الشبهة الخامسة عشر : قول السخاوي رحمه الله في "التبر المسبوك" (ص14) :
( إذا كان أهل الصليب اتخذوا ليلة مولد نبيهم عيداً أكبر فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر) .
استدل بهذا القول هاشم الرفاعي في مقاله كما في "الرد القوي" للتويجري رحمه الله (ص25).
الجواب :
قال العلامة التويجري ـ رحمه الله ـ في "الرد القوي" (ص25–26) :
( لا شك أن الاحتفال بالمولد النبوي واتخاذه عيداً مبني على التشبه بالنصارى في اتخاذهم مولد المسيح عيداً .
وهذا مصداق ما ثبت عن النبي e أنه قال : لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ رواه البخاري ومسلم واحمد.
وإذا علم أن عيد المولد مبني على التشبه بالنصارى فليعلم أيضاً أن التشبه بالنصارى وغيرهم من المشركين حرام شديد التحريم لقول النبي e : من تشبه بقوم فهو منهم رواه احمد وأبو داود ) انتهى كلامه باختصار .
وقد تعقب هذا القول الملا علي القارئ في "المورد الروي في المولد النبوي" (ص16) بقوله :
( قلت لكن يرد عليه أنا مأمورون بمخالفة أهل الكتاب ) .
16 ـ الشبهة السادسة عشر: ان الاحتفال بالمولد يعتبر إحياء لذكرى الرسول e وهذا مشروع في الإسلام .
استدل بذلك محمد بن علوي المالكي في "حول الاحتفال بالمولد" (ص20) حيث قال :
( أن الاحتفال بالمولد إحياء لذكرى المصطفى e وذلك مشروع عندنا في الإسلام ، فأنت ترى أن أكثر أعمال الحج إنما هي إحياء لذكريات مشهودة ومواقف محمودة... الخ ) .
الجواب:
أولاً : قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ في رسالته "حكم الاحتفال بالمولد النبوي والرد على من أجازه" (ص29ـ30) :
( النبي eقد قال الله في حقه ورفعنا لك ذكرك فذكره مرفوع في الأذان والإقامة
والخطب والصلوات وفي التشهد والصلاة عليه وفي قراءة الحديث واتباع ما جاء به ، فهو أجل من أن تكون ذكراه سنوية فقط ، ولكن الأمر كما قال السيد رشيد رضا في كتابه "ذكرى المولد النبوي" قال – أي السيد رشيد رضا ـ : ( إن من طباع البشر أن يبالغوا في مظاهر تعظيم أئمة الدين أو الدنيا في طور ضعفهم ـ أي البشر ـ في أمر الدين أو الدنيا ؛ لأن هذا التعظيم لا مشقة فيه على النفس ، فيجعلونه بدلاً مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي يقوم بها أمر الدين أو الدنيا ، و إنما التعظيم الحقيقي بطاعة المعظم ، والنصح له ، والقيام بالأعمال التي يقوم بها أمره ويعتز دينه إن كان رسولاً ، وملكه إن كان ملكاً.
وقد كان السلف الصالح أشد ممن بعدهم تعظيما للنبي e ثم للخلفاء ، وناهيك ببذل أموالهم وأنفسهم في هذا السبيل ، ولكنهم دون أهل هذه القرون التي ضاع فيها الدين في مظاهر التعظيم اللساني ، و لا شك أن الرسول الأعظم e أحق الخلق بكل تعظيم ، وليس من التعظيم الحق له أن نبتدع في دينه بزيادة أو نقص أو تبديل أو تغيير لأجل تعظيمه به ، وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين فقد كان جل ما أحدث أهل الملل قبلنا من التغيير في دينهم عن حسن نية ، ومازالوا يبتدعون بقصد التعظيم وحسن النية حتى صارت أديانهم غير ما جاءت به رسلهم ، ولو تساهل سلفنا الصالح كما تساهلوا ، وكما تساهل الخلف الذين اتبعوا سننهم شبرا بشبر وذراعا بذراع لضاع أصل ديننا أيضا ، ولكن السلف الصالح
حفظوا لنا الأصل فالواجب علينا أن نرجع إليه ، ونعض عليه بالنواجذ ) اهـ .
هذا مع أن الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان بطريق القياس على الاحتفالات بالرؤساء صار النبي صلى الله عليه وسلم ملحقا بغيره وهذا ما لا يرضاه عاقل ) انتهى كلام الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله .
ثانياً: قال الشيخ التويجري ـ رحمه الله ـ في "الرد القوي" (ص101) :
( ما زعمه المالكي وغيره من أن الاجتماع في المولد لإحياء ذكرى المصطفى e،
أمر مشروع في الإسلام فهو من التقوّل على الله وعلى رسوله e، فإن الله تعالى لم يشرع الاجتماع لإحياء ذكرى المصطفى e لا في يوم المولد ولا في غيره من الأيام ، و لم يشرع ذلك رسول الله e لا بقوله ولا بفعله ) اهـ .
ثالثاً: قال الشيخ التويجري ـ رحمه الله ـ في المصدر السابق (ص103) :
( من أكبر الخطأ أيضاً زعم ابن علوي وغيره أن أعمال الحج هي إحياء لذكريات مشهودة إلى آخر كلامه الذي تقدم ذكره.
وهذا الخطأ مردود بقول الرسول e: إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الحجار لإقامة ذكر الله رواه أبو داود و الترمذي و قال الترمذي حديث حسن صحيح ) اهـ
المولد النبوي عند المالكية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فهذا جمع من الفتوى لعلماء المالكية في العالم الإسلامي
وهذا ردا على من قال بأن تحريم المولد هو فتوة إبتدعها علماء الحجاز أو السلفيين أو الوهابيين كما يسميهم البعض زورا
1- الشيخ الإمام أبي حفص تاج الدين عمر بن علي الفاكهاني رحمه الله المتوفى سنة 734هـ قال في رسالته " المورد في عمل المولد " :
الحمد لله الذي هدانا لاتباع سيد المرسلين، وأيدنا بالهداية إلى دعائم الدين، ويسر لنا اقتفاء آثار السلف الصالحين، حتى امتلأت قلوبنا بأنوار علم الشرع وقواطع الحق المبين، وطهر سرائرنا من حدث الحوادث والابتداع في الدين.
أحمده على ما منَّ به من أنوار اليقين، وأشكره على ما أسداه من التمسك بالحبل المتين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، صلاة دائمة إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول، ويسمونه: المولد :
هل له أصل في الشرع؟ أو هو بدعة وحدث في الدين؟
وقصدوا الجواب عن ذلك مبيَّناً، والإيضاح عنه معيناً.
فقلت وبالله التوفيق: لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بِدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون، بدليل أنَّا إذا أوردنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجباً، أو مندوباً، أو مباحاً، أو مكروهاً، أو محرماً.
وهو ليس بواجب إجماعاً، ولا مندوباً؛ لأن حقيقة المندوب: ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع، ولا فعله الصحابة ولا التابعون، ولا العلماء المتدينون -فيما علمت- وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت.
ولا جائز أن يكون مباحاً؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين.
فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً، أو حراماً، وحينئذٍ يكون الكلام فيه في فصلين، والتفرقة بين حالين:
أحدهما: أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام، ولا يقترفون شيئاً من الآثام: فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة، الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام، سُرُجُ الأزمنة وزَيْن الأمكنة.
والثاني: أن تدخله الجناية، وتقوى به العناية، حتى يُعطي أحدهم الشيء ونفسه تتبعه، وقلبه يؤلمه ويوجعه؛ لما يجد من ألم الحيف، وقد قال العلماء رحمهم الله تعالى: أخذ المال بالحياء كأخذه بالسيف، لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء مع البطون الملأى بآلات الباطل، من الدفوف والشبابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد، والنساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أو مشرفات، والرقص بالتثني والانعطاف، والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف.
وكذا النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الإنشاد، والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد، غافلات عن قوله تعالى: "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ" الفجر:14
وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، ولا يستحسنه ذوو المروءة الفتيان، وإنما يَحِلُّ ذلك بنفوس موتى القلوب، وغير المستقلين من الآثام والذنوب، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات، لا من الأمور المنكرات المحرمات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ
------------------------------------------
1- الإمام عبد الله ابن الحاج رحمه الله:
قال في كتابه المدخل : (فصل في المولد: ومن جملة ما أحدثوه من البدع، مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وأظهر الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد وقد احتوى على بدع ومحرمات جملة [المدخل: / 2-10 2
---------------------------------------------
3- ومن علماء المالكيَّة الإمام العلامة الأستاذ أبو عبد الله الحفَّار المالكي،
وله في ذلك جواب حافل نقله الونشريسي في المعيار المعرب، نختصر منه ما يلي، قال رحمه الله: "ليلة المولد لم يكن السلف الصالح يجتمعون فيها للعبادة، ولا يفعلون فيها زيادةً على سائر ليالي السنة، والخير كلُّه في اتِّباع من سلف، فالاجتماع في تلك الليلة ليس بمطلوب شرعًا، بل يؤمر بتركه.... "
المعيار المعرب و الجامع المغرب لفتاوى علماء إفريقية و الأندلس و المغرب(7 / 99 ).
---------------------------------------
4- و قال أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي
بعد حكاية أقوال المالكية في المفاضلة بين ليلة المولد و ليلة القدر قال رحمه الله تعالى : قيل : و إن كان معظما عند المسلمين لكن و قعت فيه قضايا أخرجته إلى ارتكاب بعض البدع من كثرة الإجتماع فيه أي اجتماع آلات اللهو إلى غير ذلك من البدع غير المشروعة و التعظيم له صلى الله عليه و سلم إنما هو باتباع السنن و الإقتداء بالآثار لا بإحداث بدع لم تكن للسلف الصالح "المعيار المعيار المعرب 8/255 .
5- الإمام المحقق أبي إسحاق الشاطبي اللخمي رحمه االله تعالى
: " و أجاب رحمه الله على جملة مسائل فقال : " أما الأولى : و هي الوصية بالثلث ليوقف على إقامة ليلة مولد النبي صلى الله عليه و سلم فمعلوم أن إقامة المولد على الوصف المعهود بين الناس بدعة محدثة و كل بدعة ضلالة فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز و الوصية به غير نافذة بل يجب على القاضي فسخه و رد الثلث إلى الورثة يقتسمونه فيما بينهم و أبعد الله الفقراء الذين يطلبون إنفاذ مثل هذه الوصية ...." انتهى محل الشاهد فتاوى الإمام الشاطبي ص203_204 تحقيق : محمد أبو الأجفان
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد
و على آله و صحبه أجعين
و الحمد لله رب العالمين .