الآن فهمنا لماذا سمحوا لحماس بالفوز بالانتخابات ! | ![]() | ![]() |
17/06/2007 | |
د. فيصل القاسم ـ الجزيرة توك لقد حظي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد قبوله لنتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة بإطراء ومديح غزيرين من القاصي والداني. كيف لا وهو الذي اعترف بهزيمة حركته (فتح) أمام حركة فلسطينية معادية برحابة صدر، لا بل دعمها في تشكيل الحكومة الفلسطينية، بالرغم من امتناع حركته عن المشاركة في الحكومة الجديدة في البداية.![]() وبدورها بدت إسرائيل في أعين العالم دولة ديموقراطية متسامحة، خاصة وأنها سمحت للفلسطينيين بأن يشاركوا في الانتخابات، ويصوتوا لحركة حماس، العدو اللدود للدولة العبرية. لقد كان القبول الإسرائيلي بإجراء الانتخابات ومشاركة (حماس) فيها مثيراً للإعجاب والتساؤلات في آن معاً. ومما زاد في حيرة المراقبين وقتها أن أمريكا لم تثر ضجة تُذكر حول اشتراك حركة (حماس) في الانتخابات، فقد باركتها بطريقة غير مباشرة، مع علمها المسبق أن الحركة ستكتسح صناديق الاقتراع. أما الموقف العربي فبدوره فقد ساير الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، فاعتبر مشاركة حماس في اللعبة الديموقراطية الفلسطينية شأناً فلسطينياً، مع العلم أن بعض الأنظمة العربية تعتبر حماس رجساً من عمل الشيطان فاقتلعوه. وقد ظننا وقتها أن تلك الأنظمة رضخت للإرادة الشعبية الفلسطينية التي اختارت حركة المقاومة لتقود الشعب الفلسطيني. آه كم كان بعضنا مغفلاً عندما صفق لفوز (حماس) ومن ثم صعودها إلى سدة الحكم في فلسطين! لو كنا أبعد نظراً لكنا قد بكينا وذرفنا الدموع وقتها على تلك اللعبة الخبيثة التي يحصد الشعب الفلسطيني نتائجها الوخيمة هذه الأيام حصاراً واقتتالاً وتناحراً وجوعاً! ![]() ومن سوء الحظ فقد ابتلعت حركة (حماس) الطعم، وتخلت عن المقاومة، بحجة أنها ستحمل السلاح في يد والكومبيوتر في اليد الأخرى. طبعاً لا أحد يشكك في نوايا الحركة الطيبة لتحرير الشعب الفلسطيني وقيادته إلى بر الأمان، بدليل أن السواد الأعظم من الفلسطينيين صوتوا لها بطيب خاطر في الانتخابات التشريعية، ناهيك عن أن الشارع العربي من المحيط إلى الخليج فرح كثيراً بفوزها. لكن ألم يأت فوز الحركة وبالاً على الشعب الفلسطيني؟ ألم يحقق كل ما خطط له الخبثاء في تل أبيب؟ ما أن تسلمت حماس السلطة حتى طالبوها بالاعتراف بإسرائيل بحجة أنها ملزمة باحترام الاتفاقيات الدولية الموقعة بين منظمة التحرير والدولة العبرية. وكان ذلك المطلب بداية تطويق الحركة وإفراغ انتصارها الانتخابي من مضمونه ومن ثم محاصرتها. فرفضت الحركة طبعاً. لكن نتيجة الرفض جعلت القوى الفاعلة دولياً تفرض على الشعب الفلسطيني حصاراً مرعباً أوصل الكثيرين إلى حافة الجوع، ولم يستلم الموظفون رواتبهم لشهور وشهور. وبالرغم من الحصار المطبق على الشعب الفلسطيني عربياً ودولياً صمد الفلسطينيون، وظلوا متمسكين بحكومتهم بعدما ناورت قليلاً كي تمتص الضغوط والمؤامرات المحدقة بها من كل حدب وصوب. ![]() هل كانت تريد إسرائيل أكثر من أن ترى الحركة التي كانت تقض مضاجعها في الماضي وهي الآن منخرطة حتى إذنيها في معارك ضارية ضد حركة فتح في قطاع غزة والضفة الغربية بعيداً عن الصراع مع المحتلين؟ هل ما زالت (حماس) تحظى بنفس القدر من الاحترام في الشارعين الفلسطيني والعربي؟ ألم تفقد الكثير من هيبتها؟ ألا يردد الشعب الفلسطيني في أعماقه هذه الأيام البيت الشهير: رب يوم بكيت فيه، فلما صرت في غيره بكيت عليه؟ ألم يكن البعض محقاً عندما اعتبر تورط (حماس) في اللعبة الديموقراطية خطيئة كبرى على ضوء سقوطها في الحضن السعودي، ومن ثم انجرارها إلى الاقتتال الداخلي الآن؟ ألم يكن البعض مصيباً عندما استهجن هذا التلاقي بين حركة مقاومة عتيدة وأنظمة عربية تستمتع بألقاب "الاعتدال" التي تغدقها عليها غوندوليزا رايس؟ آه لو قرأ الشعب الفلسطيني تاريخ بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لربما تردد في اختيار حركة حماس لحكمه. فمن المعلوم أن الشعب البريطاني لم يصوت لوينستون تشيرتشل بعد الحرب، بالرغم من انتصاره الساحق على هتلر، على اعتبار أن من ينجح في الحرب قد لا ينجح في الحكم. وبالتالي اختاروا شخصاً آخر لقيادتهم. فهل تتعظ حركات المقاومة العربية من تجربة (حماس) وتبتعد عن إغراءات السلطة وشراكها؟ أليس حرياً بحركة المقاومة اللبنانية ممثلة بحزب الله أن لا تتورط كثيراً في لعبة السلطة إذا كان لها أن تحافظ على هيبتها ومكتسباتها؟ فكما فعلت إسرائيل مع حماس تريد الآن بالتعاون مع واشنطن وأزلامها في بيروت أن تنتقم من حزب الله الذي مرغ أنفها بالتراب، وذلك بزجه في صراعات داخلية ليذهب ريحه. وكذلك تفعل أمريكا مع حركات المقاومة العراقية بالتعاون مع معاولها في المنطقة الخضراء وذلك بإغرائها بالمشاركة في السلطة.بعد أن أعياها القضاء عليها عسكرياً. أليس حرياً بالمقاومين إذن أن يظلوا في مواقعهم النظيفة، وأن لا ينجروا إلى ملاعب السياسة القذرة، كما فعل كل الثوريين الأنقياء على مدى التاريخ، مع الاعتراف بأن الثورات ينجزها الشرفاء ويرثها الأوغاد |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق